تاريخ النشر: 01/01/2004
الناشر: دار القلم
توفر الكتاب: يتوفر في غضون 48 ساعة
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:طرفة بن العبد هو واحد من النخبة الأولى من الشعراء المتقدمين الذين عبّروا عن عواطفهم وأفكارهم. فكان ذلك بمثابة "نزعات فكرية" أو ما يمكن تسميته بـ"المثالية الخلقية" في نظرته للإنسان وما ينبغي أن يكون عليه، في شعر علقت به النفوس، والمتأمل في قراءة شعره يجد التعمق في مستوى التفكير ...السليم، والوعي الأخلاقي الذي ميّز شعره، وعلى هذا النحو، كان شعره قدوة: في سداد الرأي، وصفاء النفس، ونقاء الضمير، وفي هذا-أيضاً-أحد السبل المؤدي إلى إدراك قيمة التأمل المستمد من ضمير الوجدان الأخلاقي بدافع الفطرة، وهو ما عبّرت عنه الفلسفة الإسلامية-فيما بعد بـ"أحكام العقل النظري".
والمتأمل في ديوان طرفة الذي بين أيدينا تلفته عناية هذا الشاعر بأكثر أغراض القصيدة الغنائية الجاهلية، ولا سيما فني الغزل والفخر- بلونيه الذاتية والجماعي-، والهجاء الذي يظهر فيه تحمسه لأهله وعشيرته، والقبيلة على النطاق الأوسع والأشمل. وطرفة في جميع هذه الاتجاهات شاعر وصاف دقيق وبارع، ينسج خيوط شاعريته بروح بدوية صميمة، ويسمو بشعره إلى آفاق من الحكمة والخواطر. ولكن شعره الحكمي يفتقر في بعض آرائه إلى الشمولية، ولا يخلو، كما لمس بعض الباحثين الغربيين-من التناقض.
وطرفة في نظرنا مع أفقه الحكمي الذي تتحكم به نوازع الشباب وعواطفة المتحمسة للمثل الفردية التي تمليها خلقية متمردة... شاعر صاحب فلسفة ومذهب خاص في الحياة والوجود لم يملهما العقل الباحث المجرد بل نظرة وجدانية إلى مأساة الإنسان ومصيره.
إن مذهب طرفة في الحياة الذي حتمه الإحساس القوي بالظلم المرعب وسلطان الموت، والرغبة في اقتناص الملذات قبل الزوال، وما يلفه من المنقلب المجهول الغامض الذي يلف الكائن البشري، والذي يصعب اكتناه أسراره واستجلاء طبيعته –إن هذا كله يجعل من طرفة- في ضوء شعره وأبعاده- شاعراً من شعراء الواقعية حيناً، وشاعراً صاحب فلسفة رواقية وأخرى إبيقورية مناقضة، حيناً أخرى. وإنك لواجد كل هذا في تضاعيف هذا الديوان، وثنيات قصائده ومقطوعاته. إقرأ المزيد