تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: شركة دار الخيال
نبذة نيل وفرات:إن عقلية الصراع بقيت ملازمة للإنسان منذ بدأ هذا الإنسان يتعاطى ويتفاعل مع الإنسان الآخر، وتاريخ الصراع بدأ منذ وعى الإنسان تاريخه. وصفحات التاريخ مليئة بهذه الحقائق، وما دام الإنسان في حالة صراع مستمر، فعليه أن يدرس ويخطط استراتيجية ليواجه بها حالة الصراع إذا حدث. ليس من الضروري أن ...تكون حالة الصراع عسكرية، فالصراع له جوانب عديدة يمكن أن تسبق حالة المواجهة العسكرية ويمكن ألا تتحول إلى مواجهة عسكرية، فإما أن تتجمد، أو أن تبقى صراعاً سياسياً، اقتصادياً أو اجتماعياً محدوداً إلخ. وقد فسّر البعض بأن الصراع حالة مرضية، وبالتالي يجب التوصل إلى استئصال المرض وإلغاء مسبباته، بينما البعض الآخر ينظر إلى الصراع كحالة قائمة ومستمرة ولا مناص منها، لذلك يجب التركيز على دراسة السلوك والتصرفات المتعلقة بحالات الصراع عند هؤلاء المشاركين بها ودراسة الاستراتيجية التي يرسمونها ويخططون لها.
هذا وأن دراسة استراتيجية الصراع ممكن أن تأخذ رحاها في عالم الفكر على الأسس التالية، أولاً: ممكن أن نكون نحن ذوي علاقة بالصراع أنفسنا، وحتى إذا لم نكن من المشاركين في الصراع ولكن بدون شك نكون من المتأثرين بمجريات الأمور. ثانياً: مهما يكن من أمر، فإننا ما دمنا نعيش على وجه الكرة الأرضية ونعيش في نظام دولي لهيكليته ونظامه، فإننا والحالة هذه نعيش حالة صراع دائم لم يتوقف منذ فجر التاريخ. ثالثاً: ما دامت إمكانية علاقتنا بالصراع واردة، فعلينا إذاً أن نفكر كيف نربح أن نرمي أنفسنا في معارك خاسرة.
من هذا المنطلق تأتي تلك المسارات السياسية التي يهدف منظرها الدكتور حسين كنعان التعريف بحالة الأشياء التي تلتصق بحالة الصراع والتعرض بالأدوار التي يسلكها المشاركون في حلبة الصراع مهما كان لون هذا الصراع وشكله، وأيضاً فهم الأوار التي يقوم بها المشاركون. هذا كله يساعد القارئ على تكوين رؤية واضحة عن السلوك الحقيقي عند الآخرين وعن الطريقة التي يصنعون بها قرارهم والمؤسسات التي تعمل على اتخاذ القرار، فإذا الكل ضالعون ومشاركون في الصراع.
هذا وأن دراسة اتخاذ القرار والاستراتيجية في حالة الصراع ليست دراسة عن ساحة المعركة، وعدد القتلى والجرحى والأسرى، إنما عن القوى الممكنة للدخول في الصراع عند نشوبه أو الاستعداد له، إنها ليست فقط عن الأعداد الذين لا يحبون بعضهم، إنما أيضاً عن الشركاء الذين لا يثقون ببعضهم ولا يوافقون على آراء بعضهم البعض. فإن تعرض الدكتور كنعان في هذا البحث إلى الطريقة التي يعزز بها القرار السياسي في الولايات المتحدة ومصالح أمريكا الفوقية، فإنه في الشرق الأوسط مع أخذ القدرة العسكرية كوسيلة تحقيق للسياسة الفوقية، فإنه وفي الشرق الأوسط يمارس ذلك، مع أخذ القدرة العسكرية كوسيلة تحقيق للسياسة الفوقية، لأن الولايات المتحدة هي إحدى الدولتين العظيمتين التي تؤثر على طبيعة الصراع الإقليمي والدولي، مع العلم بأن العالم الذي نعيش فيه الآن هو من تركيبة ما أفرزته الحرب الثانية، وعلينا أن نتعاطى معه كواقع دولي، كما أنه ليس من الضروري أن يقاس هذا الواقع بموازين القانون الدولي والحق المطلق بقدر ما يجب أن يقاس بالواقعية في منهجية وموضوعية؛ لأنه لو كان هنالك حق تعترف به كل الدول الكبرى والصغرى لما كان هنالك صراع مصالح، ولا كانت هناك امتيازات دولة على أخرى. إقرأ المزيد