ما بعد الأقليات ؛ بديل عن تكاثر الدول
(0)    
المرتبة: 61,989
تاريخ النشر: 01/07/2004
الناشر: المركز الثقافي العربي
نبذة نيل وفرات:عندما يتعلق الأمر بالهوية، أية هوية، لا يتعلق الأمر بالأقليات والأكثريات، وإنما بذوات لها ما يخصها ويميزها. ولذلك عندما تدرك كل ذات بأن ما هو آخر بالنسبة إليها، عبارة عن ذات تمثل هي بالنسبة إليها آخراً، حينها يسهل القبول المتبادل بهويات بعضنا البعض. وإذا كان العديد من الدول في ...مناطق مختلفة من العالم تعيد النظر، ليس في أوضع مكونات مجتمعاتها فحسب، بل وفي بنية ودساتير دولها، بما يمنح صيغ وهياكل ووضعيات خاصة بتلك المكونات، ويوسع من صلاحيات واستقلالية ما هو قائم وموجود من تلك الصيغ والهياكل والوضعيات، فثمة في منطقتنا ما هو أبعد من التنكر لحقوق المكوّنات المتمتعة بهويات خاصة قائمة على أسس قومية وثقافية ودينية و.. ثمة إنكار لهذه الهويات نفسها ورفض للقبول بها، بل ومنع للحديث عنها والتمسك بالانتماء إليها، ناهيك عن تطويرها وتنميتها والبحث عن الصيغ المؤطرة لها والضامنة لتمتعها بحقوقها. وذلك في ظل هيمنات مركزية مزدوجة، فمن جهة، هناك مركزية دولتية منسوخة، بشكل مشوه، عن نموذج الدولة المركزية القابضة على كل الأطراف، والممسكة بكل تلابيب الحياة العامة. ومن جهة ثانية هناك مركزية هويوية، عرقية أو دينية، تجهد عبثاً لابتلاع كل المكونات الفسيفسائية، لتبرز ذاتاً قومية أو دينوية متضخمة وهماً.
وبقدر ما تستحضر هذه المركزية المزدوجة المكونات المختلفة وتكثفها في قبضتها، قسراً، وتشدد عليها وتسعى إلى اجتذابها بإضافة مشتركات مختلفة على ما تتشاركه معها طبيعة، بقدر ما تتكون ردود فعل نابذة تجهد للانعتاق من هذه القبضة القامعة، وتُنفخ في الجزئيات وتضخمها، وتنطمس المشتركات الطبيعية، ولا يحضر حماس ولا رغبة في إظهارها وإنمائها.
في ظل هذه المركزية، لا تتضرر القوميات والأقليات، وتُهدَر حقوقها وتُنْقص من أهمية هوياتها فحسب، بل وتنتهك حقوق الإنسان وتهدر كرامته بغضّ النظر عن انتمائه الاثني أو الديني. ومن هنا أهمية ترجمة هذا الكتاب "ما بعد الأقليات" وترجمته إلى لغة تتكلم بها شعوب المنطقة على نطاق واسع، هذا الكتاب الذي عالج مفهومي حقوق الإنسان وحقوق الأقليات برؤية نقدية تضفي أهمية إضافية للكتاب. فبغض النظر عن الاختلاف والاتفاق مع الكاتب، يبقى التعاطي مع المفاهيم والاستجابة لها بروح نقدية متجردة عن نزعة تقديس المفاهيم والنصوص وبنود المواثيق، تعاطياً أقرب إلى العقلانية والتفتح الذهني. فالكاتب ينتقد ما يسميه بهيمنة الغرب بأبعادها السياسية والاقتصادية والثقافية، وينتقد الازدواجية في التعاطي مع مسألة حقوق الإنسان، بل ويتحفظ على موادٍ من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادتان 1 و18) ويرى ضرورة إعادة تقويمها، ربما توافقاً مع مصادر تكون ثقافته الكاثوليكية.
فالكاتب جوزيف ياكوب هو أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الكاثوليكية في ليون، وهو خبير ومستشار دولي في شؤون الأقليات، وله العديد من المؤلفات، من بينها: إعادة كتابة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والأقليات في العالم. وأخيراً، ومن خضم المعاناة الإنسانية في مناخات عولمة وطموحات غربية لا تقيم للفرد قيمة يبقى سؤال ينبغي طرحه: هل يمكن أن يعيش الإنسان حياة مشتركة مع الآخرين بغض النظر عن هويته؟ إذا كان الجواب بالسلب، فهذا يعني بأن كوكبنا يضم في مواقع كثيرة في تضاريسه حياة آدمية يلزمها الكثير لتغدو إنسانية! إقرأ المزيد