سميح القاسم - الأعمال الشعرية الكاملة
(0)    
المرتبة: 51,663
تاريخ النشر: 01/04/2004
الناشر: دار العودة
نبذة نيل وفرات:"ليس لديًّ ورق، ولا قلم. لكنني... من شدّة الحرِّ، ومن مرارة الألم يا أصدقائي لم أنم. فقلت ماذا لو تسامرت مع الأشعار وزارني من كوًّة الزنزانة السوداء لا تستخفّوا... زارني وطواط وراح في نشاط يقبّل الجدران في زنزانتي السوداء. وقلت يا الجريء في الزوّار. حدِّث!.. أما لديك عن عالمنا ...أخبار؟! فإنني يا سيدي، من مدّة لم أقرأ الصحف هنا. لم أسمع الأخبار. حدّث عن الدنيا، عن الأهل، عن الأحباب لكنه بلا جواب! صفّقَ بالأجنحة السوداء عبر كوًّتي... وطار! وصحت: يا الغريب في الزوار. مهلاً! ألا تحمل أنبائي إلى الأصحاب؟.. أماه! كم يحزنني أنك من أجلي في ليل من العذاب تبكين في صمت متى يعود من شغلهم إخوتي الأحباب، وتعجزين عن تناول الطعام ومقعدي خالٍ.. فلا ضحكٌ... ولا كلام. أماه! كم يؤلمني! أنك تجشهين بالبكاء إذا أتى يسألكم عني. لكنني.. أومن يا أماه! أومن أن روعة الحياة تولد في معتقلي، أو من أن زائري الأخير.. لن يكون خفّاش ليل.. مُدْلِجاً بلا عيون. لا بد... أن يزوني النهار وينحني السجان في انبهار ويرتمي... ويرتمي معتقلي مهدماً... لهيبه النهار!!".
في قصائد سميح القاسم لون خاص، لا هو الثقة التامة على نحو ما تُميًّزُ به أدب النكبة خلال فترة طويلة، ولا هو الحزن، بل هو مزيج رائع لهما معاً. تحس في القصائد بكل مرارة النكبة من حيث هي انهيار أحلام وطمأنينة، إلى رحيل وضياع وجوع، وتحس بالقيمة الحقيقية للوطن، لا من حيث الطنين الفارغ للكلمات، بل من حيث مضمونها الحقيقي العميق.
هذا وإن أبرز ما يميز قصائد سميح القاسم في مجموعاته هذه؛ هي الرؤية القومية الشاملة، وهي على أية حال رؤية الإنسان الفلسطيني الذي لم يستطع يوماً أن ينسى أنه جزء صغير من الوطن الكبير، رغم كل ما كابده وعاناه، فالقصائد تُغَنِّي للأسطى سيد في مصر الذي يشيّد قلعة الصناعة والسدّ العالي، وتغني لمحمد مهدي الجواهري أمير الكلمة الملتزمة، وتغني لنجيب محفوظ الذي يغرف مادة فنه من نبع الشعب الطيب البسيط... إنها تثبت أن الأسلاك الشائكة والجدران الصلدة لم تقطع صلة الرحم بين فلسطينيي الاحتلال وفلسطينيي المهجر، بين فلسطينيي الاحتلال وعرب الأرض العربية كلهم. إقرأ المزيد