تاريخ النشر: 01/11/2003
الناشر: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة الناشر:انتشرت في الآونة الأخيرة دعوات مُلحّة للحوار بين الثقافات المختلفة، من دون أن يتساءل الداعون- إلا نادرا- عما إذا كنا نمتلك أهلية إجراء حوار علي هذا المستوي، أو عن جدواه في ظل فشل الحوار المعاصر عموما، لا بين الثقافات المتقاربة فحسب، بل بين أفراد الثقافة الواحدة، وفي أي مستوي من ...مستوياتها.
يمثل الضجر، من عدم الأهلية لإجراء حوار إنساني، مناط التعلق المعنوي في مجموعة "حكايات من فضل الله عثمان" لإبراهيم أصلان، ويمثل في الوقت نفسه مبدأً فلسفياً تتبناه جملة المواقف التي يحكمها الإطار المكاني الواحد، وتحكم هي إطار أفكار المجموعة، المتمثل في التأملات والأسئلة المحيطة بتجليات فشل الاتصال.
"حكايات من فضل الله عثمان" قصص، تتجاوز المفاهيم النوعية بهدوء، لتقدم تنويعاً ممتعاً علي المصنف التأسيسي من القصة الصغري (الهامشية أو المُهمَلة) Minimal story. و"فضل الله عثمان" اسم الشارع الموازي لشارع كورنيش النيل، والمنفتح علي منطقة الكيت كات في إمبابة، تلك الحدود المكانية التي لا يغادرها سرد أصلان، ولا يقطع راويه الخيط القوي الذي يربطه بها.نبذة المؤلف:لا بد وأنني غادرت قبل حين، لأنني كنت أقف على الحافة وأرى القرص الكبير الأصفر معلقاً في أول الطريق عند الطرف الآخر من الكوبري الحديدي القاتم، ولأن إسفلت الشارع الطويل بدأ أكثر نعومة وتغيرات آلاف الظلال في أوراق الشجر ولأنني كنت مبتهجاً، ومجهداً ووحيداً.
لقد عبرت نهر الشارع الخالي حتى انتهيت إلى الواجهة الزجاجية المصقولة لأراه أمامي في ثياب الليل بالوجه الغريب الذي أعرفه والعينين الحزينتين وأدفن المدية التي بيننا في صدره بألم ويسر وأكد يدي إلى ما تحت إبطيه أعاونه وأراه في سطحها المعتم المصقول يرفع يديه ليضاهيني ويتهاوى بطيئاً ليريح ظهره ويمد ساقيه ويضحك ساخراً فجأة ليموت في ضوء النهار الخفيف الذي يسوق البخار عن وجه النهر يعلو به الشاطئ ويعبر به الطريق ويصعد الرصيف والجدران ويغرقني بينما أفتح باباً في شرفة صغيرة وأجلس متدثراً وأراه مسجى هناك في ثياب الموت ونفر من الناس يتحدثون عليه ولا يصلني الصوت...
يتجول سارد أصلان في "فضل الله عثمان"، كأنما يتجول في نفسه، مراقباً الكائنات- الخارجية والداخلية- بدهشة عذرية واستجابات مرتبكة. تكشف الاستجابات عن عقل ذي نمط من الذكاء المراوغ والخيال الجامح، نمط معقد يوافق المشاعر المضطربة دائما إزاء حسابات الواقع اليائس وافتراضات الآخرين أو توقعاتهم. يتجول السارد وحيداً يراود الزمن، معلقاً روحه بروح الأشياء، ومستمداً من روح مبدعه الكبير وجوداً متميزاً وبقاءً ملهما. - عبير سلامة - الأهالي إقرأ المزيد