تاريخ النشر: 01/10/2003
الناشر: دار النهار للنشر
نبذة نيل وفرات:"ذات صباح أيقظني صراخ زوجتي أنها اكتشفت دواي، اسمع ما يقول الكاتب: إن التمزق النفسي الذي يشعر به البعض، مثلك، دليل أن في النفس حياة. ضحكت حتى سالت دموعي، آه!.. كما كان ضحكي يخفي حزناً مريراً… في مكان من روحي نار متأججة أؤكد لنفسي وأنا ألتهب حماسة أنه ليس ...مثل المنكسر من يعرف الحق والعدل. تضيع تلك اللحظات، لا أعرف كيف!! أعود لتحنطي الأبدي. أسلم نفسي للمتاهات، أتوهم أنها ستوصلني إلى الراحة، إلى اليقين، وأنها ستعيد إليّ إحساسي بإنسانيتي أصرخ بصوت يائس مرتعش بالشك: أنا إنسان، أنا إنسان... فيمتلئ الفضاء أمامي بفقاعات صابون ملونة كثيفة سرعان ما تتلاشى. أتأبط هزيمتي لم أعد أجد تناقضاً بين الموت والحياة، فحياتي موت، وما عاد يسكنني سوى صورهم، صور هؤلاء الأشبه بالمسيح المصلوب، ممزقين، جثثهم تتعفن في العراء ولا تجد من يدفنها، صرت أشعر بأني أنتظر نهاية حياتي من خلال حياتهم كأني أنتظر لحظة أفجر نفسي أو تفجرني قذيفة فأصير مثلهم يكفنني الذباب. صرت أتخذ زخم يومي من الكره، فأشعر كل صباح بأني أشبه بطارية فارغة، ثم أبدأ بشحنها بالأحقاد، أحقد على نفسي المشلولة العاجزة عن فعل أي شيء، أحقد على أصحاب القرار المتملصين من المواجهة، أحقد على الملايين أمثالي الذين لا يملكون سوى الصراخ وحرق الأعلام وصور شارون التي يرسمونها على شكل قرد. حين يطل هذا السفاح مراراً عبر الشاشة أشعر كل مرة بأن وزنه يزداد بعد كل مجزرة، لعل هذا وزن آثامه".
الإحباط، اليأس، التشتت، الدوران على الذات وفيها، والضياع في عالم يفقد شيئاً فشيئاً قيمه وأخلاقياته، أضحت تلك كلها جزءاً من معاناة إنسان اليوم، تحاول هيفاء البيطار من خلال مجموعتها القصصية هذه لمسها برفق والكشف عنها من خلال أسلوبها القصصي المتميز بالسلاسة وبالبساطة التي تقيم جسراً مباشراً بين ذات القارئ وبين شخصيات القاصة التي تنسجها ببراعة الأديب وبمشاعر الإنسان وتخلق مناخاتها التي تبرز من خلالها معاناتها في محاولة للكشف عن تداعياتها النفسية، هذه وتلك شكّلت عناصر هامة اتسمت بها صنعة هيفاء بيطار القصصية، وأكسبتها خطاً متميزاً في عالم القصة العربية. إقرأ المزيد