حرب السيد بوش - مغامرات في سياسات الوهم
(0)    
المرتبة: 312,755
تاريخ النشر: 01/01/1993
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:منذ الأيام الأولى من شهر آب، ارتدى الرئيس بوش الأب عباءة ونتسون تشرشل، متمنياً أن يظهر كزعيم أميركي لا يمكن أن يتعايش مع الديكتاتوريين، وكان تفحصاً بارعاً محسوباً لإعطاء منافع سياسية كبيرة، ولم يخطر على باله فكرة مقارنة نفسه علانية برئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر، التي اقترحت وقف العدوان ...العراقي مثلما أوقفت غزو الأرجنتين لجزر الفوكلاند قبل عقد من السنوات، حيث أن تصرفات تاتشر لم تكن ذات صدى كبير لدى الشعب الأمريكي، أما تشرشل بالنسبة للأميركيين ولسائر العالم، فقد كان شخصية أسطورية لم يتساهل مع خصم قوي، فأطاح بهتلر ونظامه المقيت في هزيمة مذلة.
إن المقارنة بمثل هذا الرجل كانت تعني إدراك جميع خيالات المرء وإحراز ذلك النوع من المكانة السياسية التي لا يمكن لأحد أن يفكر في التساؤل حولها أو الانتقاص من قيمتها. إن كلمات الرئيس، الصريحة أو الضمنية، قد دعت مؤلف هذا الكتاب إلى عقد مثل هذه المقارنة، فالسيناريو السياسي الذي رسمته حكومة بوش الأب استدعى تشبيه العراق بالدولة الألمانية النازية الشرسة، وتشبيه الرئيس صدام بهتلر جديد، واعتبار بوش الأب شبيهاً بتشرشل الذي يرفض المساومة، ومع أن التواضع كان من صفة تشرشل، فإن بوش الأب في تصريحاته القليلة العلنية كان يشير باستمرار إلى الحرب الباردة الخاطفة وميونيخ وديكتاتور كاذب خدع العالم مثلما خدع هتلر أوروبا ذات يوم.
وهكذا تمّ تحويل صدام إلى هتلر عربي، وأخذوا يشبهون العراق، وهو بلد بائس عقد مشتريات ضخمة من الأسلحة الحديثة بعائداته النفطية الوفيرة، بألمانيا النازية في الثلاثينات. لقد ندر التحدث عن حقيقة أن الرئيس صدام لم ينعم بالانتصارات التي تحققت لهتلر بلا أي جهد في الثلاثينات حين قام عن طريق الحيل والمغالطات والمهارة الدبلوماسية بابتلاع دولتين مستقلتين هما النمسا وتشيكوسلوفاكيا. وقد تمّ في واقع الأمر تجاهل الاجتياح العراقي لدولة مسلمة، إيران، مما أدى إلى حرب مدمرة استمرت ثماني سنوات، وانتهت دون أي حسم. لم يحقق الرئيس صدام أية نجاحات عسكرية تقارن بنجاحات هتلر، ولم يكن هنالك أي شيء يشبه "الحرب الخاطفة" النازية، ترغم دولاً يعتقد أنها قوة عسكرياً، مثل بولندا وفرنسا، على الاستسلام في غضون أسابيع؛ إلا أن مخزون العراق من الأسلحة الكيماوية، التي استعملت فعلاً، وما انتشر عن قدرة أسلحته البيولوجية، ناهيك عن سلاحه الجوي وحرسه الجمهوري، قد جعلته يبدو وكأنه قائد قوة عسكرية مخيفة.
لقد كانت حجة سياسية ممتازة صيغت بشكل مثير للإعجاب، وهنالك احتمال بأن الرئيس اعتقد أنها لا يمكن دحضها كلية ومع أن التقمص، التمثيل، كان مسرحاً سياسياً رائعاً، فإنه لم يكن له علاقة كبيرة بالواقع. إن عدم اكتشاف فكرة "الاسترضاء" على حقيقتها، لعبة سياسية تقليدية محسوبة بشكل أساسي لتحقيق انتصار انتخابي للرئيس في عام 1992، قد أوحى بالضرر الذي لحق بالعملية السياسية الأميركية بأداء مسرحي مرسوم وواضح، وهو أداء معلم جورج بوش وملهمه، رونالد ريغان.
ضمن هذه الرؤية يحاول المؤلف ستيفن غروبارد المضي في الكشف عن خلفيات حرب جورج بوش الأب ضد العراق أو ما سميت بحرب الخليج، وهو يقول بأن هذا الكتاب، تفسيري لحرب الخليج، حرب السيد بوش، التي حصل فيها إخفاق كبير، وقد كانت "حرباً عدمية" لم تحل شيئاً ولم تسوّ شيئاً. وهنا يمكن القول بأنه لا بد هناك في هذا الكتاب ما له ارتباط وثيق بين حربي العراق، وفارساها جورج بوش الأب والابن. إذ أن الأسباب المزعومة لشن الحرب متشابهة، ولا بد أن تكون كل من الخفية والنتائج لهذه الحرب متشابهة أيضاً. وما الحرب ضد العراق اليوم إلا امتداد لسابقتها حرب الخليج.نبذة الناشر:كانت بدايات هذا الكتاب في لندن، في تلك الأيام الطويلة الحارة من أوائل شهر آب، حين قام العراق بغزو الكويت واحتلالها حيث ظهرت رئيسة الوزراء البريطانية في مؤتمر صحفي مع الرئيس الأميركي في كولورادو الذي وصف العملية العراقية بأنها "عدوان سافر" وتحدث بوش عن إمكانية القيام بعملية اقتصادية أو حتى عسكرية تحت رعاية الأمم المتحدة.
إن استجابتها القوية أوحت أن هناك خطرا يحيق بشىء أهم من الدفاع عن القانون الدولي أو حماية مصلحة اقتصادية حيوية وهي الوصول إلى نفط الشرق الأوسط بسعر معقول.
في ضوء الأداء الذي افتقر إلى البريق والذي قام به الرئيس بوش في الشهور الثمانية عشر الأولى في المنصب، وما اتصفت به من مشكلات اقتصادية واجتماعية عويصة واجهته بشكل دائم، فلا بد أن الغزو العراقي قد بدا وسيلة مقبولة لصرف الأنظار عن مواطن القلق المحلية الشائكة.
إن ثماني سنوات من الخدمة المخلصة والصامتة في حكومة ريغان، قد علمت الرئيس بوش أشياء كثيرة. ليس أقلها ما يتعلق بمارغريت تاتشر حيث أن جرأتها في مواجهة العدوان الأرجنتيني في جزر الفوكلاند قد أعطتها مكانة جديدة داخل بلدها، وسمعة كبيرة خارجة. والأهم من ذلك بالنسبة للرئيس على الأقل، الذي لم يتردد في الرجوع إلى استطلاعات الرأي العام، فإن جرأتها قد ضمنت لها فترة ثانية في منصب رئيس الوزراء، وبسمعتها كامرأة ذات شجاعة وصاحبة مبدأ، خرجت من الفوكلاند بهالة المرأة المعصومة عن الخطأ. إقرأ المزيد