فن اللامبالاة ؛ لعيش حياة تخالف المألوف
(3)    
المرتبة: 1,000
تاريخ النشر: 01/01/2024
الناشر: منشورات الرمل
نبذة الناشر:تذكر ثقافتنا اليوم تركيزاً مفرطاً يكاد يكون حصرياً على التوقعات والآمال الإيجابية إلى حدّ غير واقعي: كن أكثر سعادة، كن أكثر صحة، كن الأفضل، كن أحسن مع الآخرين، كن أكثر ذكاء، وأكثر سرعة، وأكثر ثراء، وأكثر شعبية، وأكثر إنتاجية، وأكثر إستقطاباً لحسد الناس، وأكثر إستقطاباً لإعجابهم، كن كاملاً مدهشاً... لكن ...إذا توقفت وفكرت في الأمر مليّاً ستجد أن الفصائح التقليدية للحياة (كل تلك الأشياء الإيجابية الفرحة المصممة للمساعدة الذاتية التي نسمعها طيلة الوقت) هي في واقع الأمر نصائح تركز على ما أنت مفتقر إليه، إنها موجهة توجيهاً دقيقاً مثل شعاع من الليزر، إلى ما تراه نقائصك الشخصية ومواضع فشلك؛ وهي تشدد عليها حتى تراها جيداً.
أنت تعلم أشياء عن أفضل الطرق لكسب المال لأنك تحسّ أن المال الذي تجنيه ليس كافياً، وأنت تقف أمام المرآة وتكرر عبارات تؤكد بها لنفسك على أنك شخص جميل لأنك تحسّ كما لو أنك لست جميلاً حقاً، والمفارقة المضحكة في ذلك كله أن هذا التركيز الشديد على ما هو إيجابي (على ما هو أفضل، وعلى ما هو أكثر تفوقاً) لا يفعل شيئاً غير تذكيرنا مرة بعد مرة بما لسنا عليه، أو بما نحن مفتقرون إليه، أو بما يجب أن نكون عليه لولا فشلنا.
يحاول كل شخص، ويحاول كل إعلان تلفزيوني جعلك مقتنعاً بأن مفتاحك إلى الحياة الجيدة هو وظيفة أحسن من وظيفتك أو سيارة أكثر فخامة من سيارتك... ويخبرك العالم كله دائماً أن الطريق إلى حياة أفضل هو المزيد والمزيد والمزيد... أشتد أكثر، والسبب أكثر، واصنع أكثر... وانت تجد نفسك دائماً تحت دابل من الوسائل التي تدعوك كلها إلى المبالاة أكثر فأكثر من كل شيء...
صحيح أنه ما في شيء خاطئ في الحصول على وظيفة جيدة، إلا أن المبالغة في ذلك أمر سيء لصحتك العقلية، إنه يجعلك زائد التعلق بما هو سطحي مزيّف، ويجعلك تكرس حياتك لملاحقة سراب سعادة أو إحساس بالرضا، ليست شدة الإهتمام بالحصول على "ما هو أكثر" مفتاحاً لحياة جيدة؛ بل المفتاح هو "الإهتمام أقلّ"، الإهتمام المقتصر على ما هو حقيقي، آنيّ رهام.... هناك هوس خبيث يمكن أن يصيب دماغك، بل يمكنه أن يجعلك معتوهاً تماماً.
إن كان ما سأقوله الآن يبدو مألوفاً لديك، فأخبرني: ينتابك القلق في ما يتعلق بمواجهة شيء ما في حياتك، ثم يجعلك هذا القلق عاجزاً عن فعل أي شيء، وتبدأ بالتساؤل عن سبب قلقك هذا، أنت تصير الآن قلقاً بخصوص ما يتعلق بقلقك... أوه؛ لا! إنه قلق مزدوج مكرر، أنت الآن قلق بخصوص ما يتعلق بقلقك، وهذا ما يسبب لك مزيداً من القلق... أهلاً بك إلى الحلقة الجحمية التي تكرر نفسها!...
من المحتمل تماماً أنك وجدت نفسك حبيس هذه الحلقة عدة مرات من قبل، بل لعلك واقعٌ فيها الآن: "يا إلهي... كم أنا فاشل لأن هذا يحدث لي دائماً... إنني أفعلها من جديد، ألا ترون أنني شخص فاشل، يا للهول لقد صارت "الحلقة الحجمية التي نكرر نفسها" جائحة متفشية في كل مكان، وهي تجعل الكثيرين منا واقعين تحت ضغط نفسي زائد، تجعلهم متوتري الأعصاب كثيراً، وتجعلهم يكرهون أنفسهم إلى حدّ مبالغ فيه... هذا ما يجعل "اللامبالاة" أمراً حسناً.
هذا ما يجعل عدم الإفراط في الإهتمام هو ما سينقذ العالم، وسوف تنقذه أنت من خلال قبولك أن العالم مكان سيء، وهذا شيء لا بأس به لأن العالم كان هكذا على الدوام... من خلال عدم إكتراثك بأن يكون لديك شعور سيء، فإنك تعطل مفعول تلك "الحلقة الحجيمية التي تكرر نفسها "أنت تقول لنفسك: "لدي إحساس سيء: حسناً ما أهمية ذلك"، ثم وكأن أحداً رشك بمسحوق اللامبالاة السحري، تجد أنك توقفت عن كره نفسك، لأنك تشعر بهذا السوء كله...
يحاول المؤلف التخفيف من تلك المعاناة التي باتت تشمل كل إنسان في هذا العالم المتحضر، والتي باتوا يطلقون عليه لقب "القرية الصغيرة"، لذا لن يكون من الصعب إكتشاف من تلك الظاهرة التي عمت تلك القرية الصغيرة.
يحاول المؤلف أن يهمس بأذن القارئ بأن المرونة والسعادة والحرية تأتي جميعها من معرفة ما يجب الإهتمام به؛ والأهم من هذا أنها تأتي من معرفة ما ينبغي عدم الإهتمام به، وإتقان القدرة على اللامبالاة بما يجدّ داخل نفسك في شأنه... لذا بإمكانك المضي بعمق مع فلسفة للحياة تجعل الحياة أسهل، والسعادة أقرب مثالاً...
كتاب فلسفي متقن يمنح القارئ الحكمة التي تمكنه من فعل ذلك. إقرأ المزيد