كتاب الإسعاف في إحكام الاوقاف
(0)    
المرتبة: 459,792
تاريخ النشر: 08/09/2015
الناشر: المكتبة المكية
نبذة نيل وفرات:الوقف في إصطلاح الفقهاء وهو "حبس العين عن تمليكها لأحد من العباد، والتصدق بالمنفعة على الفقراء، ولو في الجملة، أو على وجه من وجوه البرّ".
والوقوف بالصفات والقيود والشروط المذكورة في كتب الفقه ما اختص به المسلمون، وإن كانت فكرة الوقف قد وجدت عند قدماء المصريين وكذلك الرومان والجرمان، ويعدّ ...الوقف في الشريعة الإسلامية من أعظم القربات التي يتزلف بها العبد إلى مولاه، ومن أهم السبل لبقاء الذكر الحسن، والدعاء والثناء الجميل لواقفه على ألسنة الناس.
والأهم من ذلك إستمرارية وصول الثواب والأجر لروح الواقف ما دام الوقف قائماً، وإستفادة العباد منه مستمرة، فالمثوبة تستمر فتوالى وتتواصل لصاحب الوقف بديمومة الوقف، وهذا ما عرف بالوقف الخيري، وهو: الوقف الذي وقف على جهات الخير من حين إنشائه، كالوقف على المساجد والمدارس والمستشفيات والملاجئ والفقراء، وهذا النوع من الوقف لا خلاف في صحته بين الفقهاء، بل إن الشارع رغّب به وحثّ عليه؛ لكونه قربة لا شك فيها.
وأما ما يشغل الإنسان، من شأن كفاية بعد كبر سنه في الحياة عند ضعفه أو عدم تمكنه من الإكتساب، ليعيش بقية حياته بسعادة وطمأنينة، أو بسبب حرصه على مستقبل ذريته - والضعفاء منم بخاصة - بعد موته من الوقوع في الفقر والعوز، أو بسبب سوء تصرفهم في الميراث، فقد فتح الشرع له باب الوقف الذريّ - لطمأنته -: وهو وقف على الواقف نفسه وذريته، أو على ذريته فقط، أو على من أراد نفعهم من الناس، ثم جعل مآله إلى الفقراء والمساكين.
ويعرف هذا الوقف أيضاً: بالوقف الأهلي، وهناك نوع آخر عرف بالوقف المشترك بين وجوه الخير ورعاية الذرية، ويوضح هذين النوعين من الوقف وفائدتهما ما وري عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، من قوله: "لم نر خيراً للميت ولا للحيّ من هذه الحبس الموقوفة، أما الميت فيجري أجرها عليه، وأما الحيّ فيجرى أجرها عليه، وأما الحي فتحبس عليه ولا تورث ولا توهب ولا يقدر على إستهلاكها".
وقد طبق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الإرشادات الإلهية والوصايا النبوية في مسألة الوقف تطبيقاً عملياً، حيث أن جلّ الصحابة رضي الله عنهم وقفوا من أموالهم إبتغاء مرضاة الله تعالى، وقال الإمام الشافعي: "إن صدقات المهاجرين والأنصار بالمدينة معروفة قائمة، واستمر المسلمون في جريات أعمال الوقف وتوارثوه جيلاً بعد جيل في الوقف الخيري مثل بناء المساجد، وبناء المصحات والمستشفيات، والمعاهد الدينية والجامعات، والمراكز الإسلامية، وبناء المدارس ومعاهد القرآن الكريم، وأروقة طلب العلم، ودور الأيتام، وبناء الأربطة للفقراء والمساكين وللمسافرين، وبعضها للمحسنين والمحسنات والأرامل، واليتيمات، حتى للمطلقات اللاتي لا قريب لهن لتقضي مدة العدة، وتبقى هناك إلى أن يسير الله تعالى لها سبيلاً... إلى ما هنالك من أعمال للوقف.
وقد ألف الفقهاء مؤلفات مستقلة في الوقف لمعالجة قضاياه، من أوائلها "أحكام الوقف" للخصاف (أبو بكر أحمد بن عمرو الشيباني المتوفي سنة 261هـ)، والذي يليه شهرة "أحكام الوقف" للإمام هلال بن يحيى بن مسلم البصيري الحنفي، المتوفي سنة 245هـ، ومن ثم اندفع الكثير من العلماء والفقهاء للجمع بين هذين الكتابين لتأكيد الأحكام الوقفية.
من الكتب التي ذاع صيتها في الجمع بين كتابي الهلال والخصاف هذا الكتاب (الإسعاف في أحكام الأوقاف) لمؤلفه: العلامة برهان الدين إبراهيم بن موسى بن أبي بكر ابن الشيخ علي الطرابلسي الحنفي المتوفي سنة 843هـ، المعروف بالطرابلسي، وقد أبدع المؤلف في الجمع بين مسألة الكتابين، فأوجز الكتاب وقصره على قضايا الوقف بأبواب محصورة دقيقة، ورتّب المسائل بنظام فقهي ترتيباً علمياً أخذ بعضها أعناق البعض الآخر في عرض موضوعات الوقف مع سهولة الألفاظ وسلاسة العبارة.
هذا ولم يكتف المؤلف بالجمع بين مسائل الكتابين، وترتيبه على الأبواب والفصول بأسلوب سهل فحسب؛ بل هو زاد الكثير من المسائل الوقفية المتناثرة بين كتب الفقه بعامة، وخاصة من كتاب (فتاوى قاضنجان) للإمام محمود الأوزجندي، وهو من أهل الترجيح، كما أن كتابه هذا من أصح الكتب التي يعتمد عليها في المذهب الحنفي، كما أن الطرابلسي أضاف الكثير من القواعد الفقهية والأصولية لتأكيد المسألة وترسيخها في الأذهان، وهكذا يؤصل المسائل الكثيرة بقواعد عامة.
كما أنه يعارض ويناقش الأقوال ويقارن الآراء، ويظهر التعارض بين بعض الأقوال والفروق بين المسائل والأحكام المتشابهة، ثم يوجه هذه الأقوال ويقارن الآراء، ويظهر التعارض بين بعض الأقوال بيان الراجح والمرجوح منها معللاً وموضحاً الرأي الصائب منها.
هذا ويعدّ هذا الكتاب وبحق، من أجمع وأقوى كتب الأوقاف في الفقه الإسلامي؛ ونظراً لأهميته، فقد تم الإعتناء به، وتم إخراجه محققاً، معنوناً، ومفقراً، ومفهرساً بما يليق بمكانته العلمية وبما يعين الفقهاء والعلماء والباحثين القانونين (غير المختصين) على الوصول إلى بغيتهم في معرفة الأحكام بالقضايا الوقفية، في الفقه الإسلامي بسهولة ويسر من كتاب معتمدٍ مختصٍ في فن الوقف.
وقد جرت عملية التحقيق على النحو التالي: 1-تكملة لسقط أو طمس وقع بالأصل في بقية النسخ أو بعضها، 2-تفقير الكتاب، وإستعمال علامة الترقيم، 3-تخريج الأحاديث والآثار الموجودة في الكتاب، 4-وضع عناوين جانبية لجميع محتوى الكتاب، 5-توثيق أكثر نصوص الكتاب من مصادرها ومراجعها الأصلية، 6-شرح بعض المصطلحات العلمية، 7-وضع الفهارس، 8-تصدير الكتاب بترجمة للمؤلف. إقرأ المزيد