جداليات الفكر الاسلامي المعاصر
(0)    
المرتبة: 61,137
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:اصطبغ الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر بجملة سمات، عملت على إعاقته وتعطيله عن التطور والتكامل، واستنزفت الكثير من جهود المفكر والباحث المسلم في مشاغل أبعدته عن الوظيفة المناطة به. وقد ظهرت عدة محاولات تحليلية لتقويم مسار الفكر الإسلامي المعاصر وتشخيص أبرز سماته المرضية، ومن أهمها دراسات المفكر المعروف "مالك بن ...نبي"، الذي تناول مشكلات الحضارة، وحرص على اكتشاف العناصر المستترة لهذه المشكلات، والتعرف على النزعات المزمنة في التفكير الإسلامي، التي أقعدته عن بلوغ غير واحد من غاياته. ويمكن إنجاز أهم السمات المرضية التي تلوّن بها المشهد الثقافي الإسلامي فيما يلي: الغرام بالكلمات، الهروب من الواقع، رؤية تبسيطية للمشكلات، فكر يكرر ذاته به لكن بعض النماذج من كتابات الإسلاميين تغلبت على معظم السمات المرضية المارة الذكر، فأبصرت طريقاً جديداً، نبذت فيه الحالة السكونية، وغامرت بتوظيف أدوات جديدة في تحليلها، واقتحمت عوالم ظلت مهملة مدة طويلة، وخلصت إلى نتائج لم تحرص فيها على تقليد ما مضى.
ويمكن اعتبار كتاب "جداليات الفكر الإسلامي المعاصر" الذي ألفه الأستاذ "إبراهيم العبادي" أحد النماذج الجادة في هذا المضمار، فقد عالج هذا الكتاب جملة مفاهيم استأنف بحثها الفكر الإسلامي راهناً، بعد أن تعاطاها رواد الإحياء الإسلامي منذ قرن تقريباً، واهتموا بإثارتها والتشديد عليها والحديث عنها في شتى المناسبات، لما أدركوا صلتها العميقة بالحياة الثقافية والسياسية للأمة. لكن الحديث بشأنها ظل على الدوام يفتقر إلى صياغة مواقف صريحة وواضحة تتجاوز الالتباس الذي راكمته الرؤى المتقاطعة حيالها. وهذا ما دعا الباحث إبراهيم العبادي أن يهتم بإنارة هذه المفاهيم واستخلاص رؤية جريئة تكشف عن شيء من أبعادها الخفية أو المعتمة.
ففي الفصل الأول تناول الكتاب في دراسة مسهبة قضية "التعددية وحق الاعتراض" في بعدين من أبرز أبعادها، يتمثل الأول في قراءة للمشروعية والمسار التاريخي للمعارضة في الدولة الإسلامية، ودور الأمة في النصيحة والنقد والاعتراض، أما الثاني فهو متابعة لأسباب ظاهرة العنف السياسي بين القوى الإسلامية والسلطات الحاكمة في المنطقة العربية، أما الفصل الثاني فيشتمل على مراجعة تقويمية لأطروحة المفكر، المعروف "هشام شرابي" حول النظام الأبوي وتفشي هذا النظام في تنشئة العائلة، وأثر ذلك في تكوين وبناء الفرد، طفلاً وحدثاً وراشداً، والصلة العضوية لذلك بالسلوك الاجتماعي وتركيب المجتمع.
وفي الفصل الثالث توقف عند "المشكلة الثقافية" في أربعة عناوين بالغة الأهمية: عالج فيها الحرية الفكرية في الإسلام وضوابطها ومحدداتها وأوضح أن مفهوم الحرية مفهوم يتعاطاه بعض الدارسين بتأويلات تمتزج بالكثير من الارتباك وسوء الفهم... وبعد ذلك تحدث حول قضية الثقافة عند الإسلاميين، والمشاكل والعقبات التي يواجهها المشروع الثقافي الإسلامي، في مرحلة تهاوت فيها الأسيجة وانهارت الأسوار، التي ظلت تحصّن الثقافات من عدوى الأفكار المهاجرة مدة طويلة.
وفي سياق بحثه عن أزمة الفكر الإسلامي المعاصر ألمح إلى أن الإسلاميين لم يطوروا فكراً نظرياً قادراً على مواجهة مشكلات التغيير الاجتماعي، كما أن التقنين أو الفكر النظري ظل هو الآخر مشكلة لم يتجه الفكر الإسلامي لمعالجتها بجدية، بالرغم من المبادرات الرائدة للمفكر محمد باقر الصدر وغيره. ثم تناول الباحث مشروع إسلامية المعرفة، وما يهدف إليه هذا المشروع من إعادة صياغة المعارف وتوجيه العلوم من منظور إسلامي، وفي الفصل الرابع والأخير تناول الكتاب مسألة الاختراق الثقافي وما يلابسها من آراء متنوعة، وشدد على أن تحصين الذات هو الوسيلة الأهم للممانعة والحماية، ويستند ذلك إلى مشروع ثقافي محلي يحدد نقاط القوة والضعف في التجربة المحلية، من خلال عملية إحياء ونقد دائمين، والإفادة من معطيات التجربة البشرية، بتنظيم عملية تبادل ثقافي، تحول دون تسرب العناصر القاتلة من الثقافة الغربية. إقرأ المزيد