منهج الإمام الخميني في التفسير
(0)    
المرتبة: 141,630
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:طالما حجب وهج المواقف السياسية الحازمة لقيادات الثورات الأبعاد الأخرى في شخصياتهم، فتظل غير واحدة من مواهبهم مستترة وراء الموهبة السياسية، ومجهولة لدى الكثيرين من الناس، وتجسد شخصية الإمام الخميني أبرز مصداق لذلك، لأن شخصية الإمام من ألمع الشخصيات الثورية والسياسية، وأشدها توهجاً في هذا العصر، فمواقفها الثورية، وصلابتها، ...وإصرارها، وثباتها، كل ذلك ساهم بتغييب ما تختزن هذه الشخصية من أبعاد علمية، وروحية باهرة، فلم ينتبه معظم الخبراء بالشأن السياسي فضلاً عن عامة الناس إلى أن الإمام كان فقيهاً، فيلسوفاً، مفسراً، عارفاً، ذا تجربة روحية مفعمة بالوجد الإلهي، قبل أن يكون ثائراً وقائداً، كما كان الإمام الخميني رائداً في إقحام الفقه في هموم المواطن السياسية والاجتماعية، والارتقاء بوظيفته إلى دوائر لم يطرقها من قبل.
ومن أهم الأبعاد المجهولة على نطاق واسع في شخصية الإمام الخميني، تفسيره للقرآن الكريم وإسهامه في صياغة منهج محدد المعالم في استنطاق مداليل الآيات الشريفة فإن جهوده في هذا المضمار ظلت مغيبة في الحوزة العلمية فضلاً عن خارجها، ولولا مبادرات اضطلع بها مؤخراً بعض الباحثين، ممن اشتغل على تجميع ما فسره الإمام من آيات، ومعالجة أصول منهجه في فهم الآيات، لولا ذلك لظل هذا البعد العلمي في شخصية الإمام مهملاً إلى الأبد، ويمكن القول إن دراسة الأستاذ عبد السلام زين العابدين التي نقدمها للقراء في هذا الكتاب تعد أول معالجة باللغة العربية ترسم بجلاء معالم منهج الإمام الخميني في تفسير القرآن، ينجز هنا باحث أمضى ما يناهز عشرين عاماً في صحبة التفسير وعلوم القرآن دارساً وأخيراً مدرساً في الحوزة العلمية، وهي محاولة يهدف الباحث من خلالها إلى الإعلان عن جهود فذة يساهم بها الإمام الخميني في حقل التفسير والدراسات القرآنية، وتأسست على مرتكزات منهجية محددة، تصلح أن يركن إليها الباحثون كأساس تستضيء بها محاولاتهم في مضمار التفسير.
سيقف القارئ الذي يرافق المؤلف في هذا الكتاب في محطات ست، يلتقي في الأولى منها مع المنحى المقاصدي للتفسير عند الإمام الخميني، أي دعوة الإمام لتجاوز الطريقة التقليدية التي ألفها المفسرون في التعرف على معاني الكتاب. وفي المحطة الثانية يقف القارئ على عرض شامل لتراث الإمام التفسيري، وسيجد فيه إجابة وافية على التساؤل الذي يطرحه البعض والذي يدور حول الآثار التفسيرية للإمام الخميني، وفي المحطة الثالثة يدلنا المؤلف على ثلاثة أبعاد ترتسم في تفسير الإمام، يستهل الحديث عن البعد العرفاني العقائدي، فيوضح كيف أن الإمام وظّف العرفان في الدفاع عن المحرومين، فيصير العرفان منهلاً استقت منه مواقفه الثورية الصارمة، في الدفاع عن حريات المضطهدين، وتبني قضايا المستضعفين. ويمضي في الحديث عن البعد الثاني السياسي الثوري، ما قام به الإمام من إحياء بعض المصطلحات السياسية في القرآن وتوظيفها كشعارات في المعارك السياسية للأمة.
وفي البعد الثالث (التربوي الأخلاقي) يقتطف المؤلف بعض الإشارات التي يشدد فيها الإمام على أثر التزكية في استيعاب الكتاب والحكمة، وتقدم التزكية رتبة على التعليم (ويزكيهم ويعلمهم)، فإنه ما لم يتطهر الإنسان معنوياً ويزكو روحياً فلا ينال الكتاب ولا يدرك الحكمة، وفي البعد الرابع يستخلص الباحث المفردات الأساسية في منهج الإمام التفسيري، فيوجزها في المنهج العقلي التدبري، والمنهج الشهودي العرفاني، والمنهج النقلي الروائي. بينما يحاول الكاتب في المحطة الخامسة بيان العالم والأسس الأولية للثورة والدولة في القرآن الكريم طبقاً لرؤية الإمام الخميني.
وفي خاتمة المطاف يلاحق المؤلف تطبيقات المنهج التفسيري للإمام الخميني في فريضة الحج، وما تفصح عنه الآيات الكريمة من تجليات تربوية واجتماعية وسياسية في هذه الفريضة. وبذلك يفرغ من بيان مرتكزات وأسس تفسير الإمام الخميني. تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة تشي بصورة إجمالية عن معالم وأصول تفسير الإمام وتعد بمثابة مدخل يعرِّف القرّاء بجهود الإمام الخميني في التفسير، ومسعاة للمساهمة في تطوير مناهج التفسير والدراسات القرآنية. إقرأ المزيد