أقلمة المفاهيم - تحولات المفهوم في ارتحاله
(0)    
المرتبة: 26,989
تاريخ النشر: 01/04/2002
الناشر: المركز الثقافي العربي
نبذة نيل وفرات:عرف الكائن البشري التفكير خلال مختلف مراحل نشاطه وحياته، واندهش من كينونته ككائن، ثم حاول تأطيرها في أطر وتحديدات معرفية وفلسفية. كما حاول ترتيب أشياء الكون من حوله فاهتم بالجزئيات، ورسم الحدود، وانشغل بالتفاصيل ودقائق الأمور، وامتدّ به التفكير نحو الميتافيزيقا، وسعى إلى تشكيل كليات داخل مختلف ميادين المعرفة. ...وكان وضع المفاهيم وبناؤها واستثمارها موضوع بحث لا يكلّ في حقول نشاطه الفكري والمعرفي، لذلك تعددت وسائط المعرفة وتنوعت أشكالها، وصار التفكير والتفسير بواسطة الملكات يبنى على تشكيل المفاهيم، سواء كان التشكيل بواسطة التجريد أم بواسطة التعميم، ثم شمل التشكيل بواسطة الحكم ما يخص استعمالات المفاهيم الجديدة شغل الفلسفة والفن ومختلف العلوم. وقد شهدت مختلف الحضارات الإنسانية، قديمها وحديثها، على عمليات التفاعل والتبادل والاقتراض فيما بينها، بدون حواجز أو شروط، وتعددت وسائط الانتقال المعرفي على مختلف الصعد حيث جرت عمليات أقلمة المفاهيم وانتقالاتها في الفلسفات والعلوم، ثم إعادة أقلمتها في التربة المعرفية عند توفر الشروط الملائمة، وكانت الأرض لا تكف عن حركاتها عبر الأقاليم، مغيرة بذلك الأسماء وتواقيع أصحابها، من الشيخ والحكيم إلى المنطقي والفيلسوف، فتغيرت الحكمة كثيراً، كما تغيرت الفلسفة.
ونشأت فلسفات متعددة بتعدد الأقاليم التاريخية والجغرافية والبشرية، تقاطعت في حقول واختلفت في أخرى، فتعددت صورها وصور الأشخاص الذين حرثوا أرضها وزرعوا بذورها. وظهرت المفاهيم التي أشادوها في تربة الأرض، كي تنمو وتترعرع في الأقاليم. أو تنشال لتحط من جديد حيث تتغير طبيعتها، عبر تمثلات جماعية، أو تصورات عن العالم خلقتها القوى الحية التاريخية والروحية للشعوب والأمم.
من هذا المنطلق يجيء هذا الكتاب، في سياق محاولة البحث عن حيّز صغير، لا ينتفي فيه الآخر، لا يصبح مقصياً أو خارجياً، إنما مختلفاً ومؤتلفاً، له كينونته وله ذاته المستقلة والمتذاوتة مع ذوات أخرى متكثرة. كما يحتفي الكتاب بالمفاهيم وأقلمتها في التربة المعرفية داخل أقاليمنا، من منطلق التفاعل الحضاري الخلاق الذي لا يحده حدّ، وحق كل حضارة في وضع توظيف وأقلمة الإنسانية، الفلسفية والعلمية والفنية. وكل مسعاه هو التزود بقليل من الضوء في دروب الخلق والتنوع والاختلاف، كي يستزيد بصورة جديدة للفكر، وبما يعود إلى الفكر كفكر، مناشداً مقاومة الحاضر، مقاومة الخوف والتسلط والقمع والعبودية في الإقليم العربي وفي العالم، ومستشعراً مستقبلاً أفضل لشعب المستقبل، وأرضاً جديدة تنمو فيها صناعة المفاهيم الجديدة وأرضنتها. إقرأ المزيد