شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح
(0)    
المرتبة: 74,697
تاريخ النشر: 01/01/2014
الناشر: عالم الكتب للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:أجمع الذين ترجموا لإبن مالك على أنه كان حريصاً على العلم وحفظه، كثير المطالعة، لا يكتب شيئاً من محفوظه حتى يراجعه في محله، وكان لا يُرى إلا وهو يصلي أو يتلو أو يصنّف أو يُقرئ؛ ويكفي دليلاً على ذلك أنه حفظ يوم وفاته ثمانية شواهد.
وكان يضرب به المثل في ...دقائق النحو، وغوامض الصرف، وغريب اللغات، وأشعار العرب، مع الحفظ والذكاء، والورع والديانة، والتحري لما ينقله، والتحرير فيه؛ وكانت له مشاركة في القراءات والتصنيف فيها، وهو من الذين عُنُوا بالحديث الشريف في وقته، قال عنه السيوطي "ت 911هـ: "وكان أمة في الإطلاع على الحديث، فكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث؛ فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى أشعار العرب".
إن هذه الصلة الوثيقة بالتراث الأدبي الذي انكب على تدبره وحفظه، والتراث النحوي الذي خلفه السابقون مكنته من توسيع دائرة الإستشهاد؛ لأنه لم يقف عندما تركه النحاة الذين تقدموا عليه؛ بل أضاف شواهد كثيرة إلى ما عرف قبله؛ ومن الأنواع التي استدل بها المؤلف على ذلك الترتيب: 1-القرآن الكريم، 2-الحديث الشريف، 3-الشعر.
وهكذا يمكن القول بأن ما مكّن ابن مالك هو سعة ثقافته، وتنوع مصادرها، وكثرة محفوظه من رسم منهج متميز في الإستدلال بالشواهد والقياس عليها، وأهم ملامح هذا الإتجاه إحترامه الشديد للسماع؛ وهذا السماع هو الذي حمله في كثير من الأحيان على قبول الشواهد من القراءات غير المشهورة أو الشاذة، ومن الشعر وأقوال العرب والحديث الشريف.
قاعدته في ذلك (لا عدول عن الإتباع عند صحة السماع) ولم يتردد عن مخالفة بعض الأصول التي وضعت سابقاً لأجل أن تتفق مع الشاهد، وحتم عليه أخذه بالشواهد والقياس عليها مخالفة نحاة التزموا بمقاييس لا يؤيدهما السماع أو الإستدراك عليهم، فقد صرح بمخالفة "أكثر النحويين" ومخالفة البصريين وسيبويه والفرّاء؛ وكان يريد من وراء الإختبارات التيسير والتسهيل على الدارس، وهما من سمات مذهبه النحوي.
وقد صرح في مناسبات بأنه اختار هذا الرأي لأنه الأسهل، أو لبعده عن التكلف، ونعى على نحاةٍ كانوا يخالفون المنقول من كلام العرب، ويعدّونه ضرورة فيضيقون واسعاً.
من هنا، يمكن القول بأن هذا الكتاب "شواهد التوضيح" يعدّ من أهم المصنفات لابن مالك التي تكشف عن أسلوبه في النقاش والحجاج، ومعالجة المشكلات اللغوية، وتبيّن سعه أفقه وإحاطته بشواهد النحو واللغة، وهو أول كتاب يختص الحديث الشريف بالدراسة من الوجهة النحوية، جاعلاً من "صحيح البخاري" محوراً للبحث، ومناقشة آراء المتقدمين من النحاة، فامتاز عن غيره من الأصول بهذه الخصيصة، مع كثرة شواهد ووفرتها قياساً إلى ما في مصنفات ابن مالك الأخرى.
وإلى هذا، فإن الكتاب يلقي الضوء على الصلة بين النحو والتفسير، إذ انتشرت في الآيات في أكثر مباحثه، وما من آية إلا وفيها وجه أو أكثر من وجوه الإعراب، على أن صلة الكتاب بتفسير الحديث الشريف تكون أشدّ وأوثق إذا ما عرفنا أنه أُلّف لتصحيح الإشكالات الواردة في ألفاظ حديث "الجامع الصحيح" للبخاري. إقرأ المزيد