الشرق في مرآة الرسم الفرنسي
(0)    
المرتبة: 116,556
تاريخ النشر: 01/01/1992
الناشر: جروس برس
نبذة نيل وفرات:شكل الشرق بالنسبة لأوربا إطاراً يحلو بواسطته الهروب من الواقع، ومن المشاكل اليومية. إنه عالم "مصطنع" لا وجود حقيقياً له، النظرة الأخرى للحياة، الإشباع لرغبات ونزوات كامنة في داخل كل فرد، بقعة من الاخضرار والأمل، تتسع كلما ازداد الناس وتراكمت الهموم في هذا الشرق الخيالي تنشره الأسماء، وتتشابك الأحداث ...والتواريخ، وتختلط الأساطير والوقائع، وهذا ما يزيد الصورة جمالاً وغنى.
ولكن هذا الشعور بالإعجاب والاحترام لتلك الأرض رافقه شعور بالحقد والكراهية تجاه السكان. فأوربا بشكل عام، وفرنسا بنوع أخص، الغارقتان في مسيحيتهما القروسطية والبدائية، كانتا تنظران بقلق إلى هذه الأرض التي عاش عليها المسيح هذا وإن الصورة التي تستشف بشكل عام من الكتب الفرنسية في القرون الوسطى هي أن الشرق أرض مقدسة يسكنها كفرة ذوو عادات غريبة ومحتقرة، ويؤمنون بمعتقدات شيطانية، وأمر انتشار الصورة المشوهة للإسلام هو أمر لا يعود إلى الجهل فقط، وإنما بشكل أساسي إلى سوء النية.
من هنا الأمان في رفض الآخر ليس فقط من الناحية الدينية، وإنما من الناحية الثقافية والحضارية أيضاً. أما من الناحية الفنية فيمكن القول بأن التأثر بالشرق، على الرغم من كونه محدوداً، إلا أنه كان يتحلى في النقوش والمحفورات والتوشيات والتطاريز، أو في بعض المنمنمات التي تبرز ملابس شرقية فضفاضة وأسلحة مزخرفة، ولكن التأثر الأوضح يتجلى في تزيين بعض الكاتدرائيات الفرنسية سواء المبنية على الطراز الرومي أو القوطي ويمكن القول بأن الدراسات في هذا المجال تدل بأن النظرة الغربية، المتمثلة بشكل أساسي في المنظمة الفرنسية، كانت في معظم الأحيان مضللة، ولم تستطع سبر أغوار الشرق.
هذا الجهل بالآخر اعتراه سوء النية في كثير من الأحيان، ولم تكن مصادفة أن تلحق بالشرقي على مرّ العصور الصور السلبية: الكفر، التسلف، التخلف، الجهل، الإرهاب والتعصب الخ، ولم يكن مصادفة كذلك استمرار محاولات إخضاع الشرق عسكرياً وحضارياً فكيف عكس الرسم الفرنسي صورة الشرق؟ هل تميز الرسامون عن الأدباء والسياسيين، وما دور الفن في توضيح أو تشويه ما يجري على الساحة السياسية العسكرية، هذا ما يحاول رصده هذا الكتاب من خلال دراسة للشرق في مرآة الرسم الفرنسي من القرن التاسع عشر حتى مطلع القرن العشرين 1800-1930. إقرأ المزيد