لدفيج فتجنشتين فيلسوف الفلسفة الحديثة
(0)    
المرتبة: 34,911
تاريخ النشر: 01/01/1993
الناشر: دار الكتب العلمية
نبذة نيل وفرات:يقول الشيخ "كامل محمد عويضة" في مقدمة كتابه هذا أن ما يدفعه إلى الاهتمام بدراسة فلسفة التحليل عند فتجنشتين أنه لا يستهدف إقامة حد للتفكير، أو على الأصح لا يستهدف إقامة حد للتفكير، بل للتعبير عن الأفكار، وهذه كانت المراحل الأولى في تطوره الفكري الفلسفي.
كما نجد هذا الرجل يحلل ...المفهوم القديم الذي يفصل بين اللفظ من جهة، وبين معناه من جهة أخرى، أو بين الفكرة الموجودة في الذهن من ناحية وبين الذي نعبر به عن هذه الفكرة من ناحية أخرى. بمعنى أننا نفكر أو نفهم أولاً، ثم بعد ذلك نعبر عن أفكارنا بسلوك لغوي مناسب، بحيث تكون الفكرة أولاً ثم يأتي اللفظ الذي يعبر عنها ثانياً، وبحيث يكون التفكير والفهم وكذا التذكر والانتباه، بل حتى الوجدان عبارة عن أحداث أو عمليات خبيئة وراء السلوك اللغوي الذي يعبر به عنها. ولقد كانت هذه الفكرة مقبولة لدى أغلب الفلاسفة، كما كانت موجودة حتى عند الفلاسفة التجريبيين الأوائل مثل لوك الذي ذهب إلى أن "الكلمات في دلالتها المباشرة الأولية"، لا تشير إلا إلى الأفكار الموجودة في ذهن قائلها.
وفتجنشتين يرى فساد هذه الفكرة الفصلية، وأنفق جزءاً كبيراً من وقته وجهده في كتاب "الأبحاث الفلسفية" لنقضها -حتى يمكننا أن تقول مع "فيراباند": إن هذا الموضوع كان هو المحور الأساسي في كتاب الأبحاث لفتجنشتين الذي تدور حوله وتتجمع كل تأملاته وأفكاره الأخرى.
كما أن وظيفة اللغة تختلف عند فتجنشتين في فلسفته ألأولى عنها في الفلسفة المتأخرة. والواقع أن فكرة فتجنشتين عن اللغة من حيث هي رسم أو تصوير للوجود الخارجي- كانت متفقة تماماً وفكرته عن التوازي الذي يجب أن يتحقق ما بين اللغة من جانب، والعالم أو الوجود الخارجي من جانب آخر.
وكذلك نجد أن فتجنشتين، حينما تخلى في فلسفته المتأخرة عن النظرية التصويرية، وما ترتب عليها من نتائج مثل فكرة الأناوحدية، نجده يعود إلى المفهوم العادي لوظيفة اللغة، وهو المفهوم الاجتماعي. وبالتالي فقد تجمعت أكفاراً عديدة في رأسه دفعته للاهتمام بهذا الفيلسوف الذي كانت فلسفته نقطة تحول حاسمة في تاريخ الفكر الفلسفي المعاصر، صاحب المنهج التحليلي الذي تناول عبارة اللغة.
وانتقل مجال البحث فيها من البحث في الأشياء في ذاتها أو الوجود من حيث هو موجود أو العلة أو المطلق أو الجوهر أو اللامتناهي أو العدم... إلى غير ذلك... إلى البحث في العبارات والألفاظ التي يقولها الفلاسفة وتحليلها لبيان ما له معنى منها وما لا معنى له، أو لبيان الصحيح منها والخاطئ بناءً على اتفاقها أو اختلافها مع قواعد الاستخدام العادي للغة. ومن ثم تغيرت مهمة الفلسفة فأصبحت تحليل مشكلات الفلسفة بدلاً من إقامة نسقات فكرية أوميتافيزيقية متكاملة، أصبحت الفلسفة لديه فلسفة للفلسفة، وأصبح عمل الفيلسوف عنده، هو أن يكون فيلسوفاً للفيلسوف بتحليله لما يقول.
هذا فضلاً عن أن فلسفة فتجنشتين كانت ذات اثر بالغ في كل التيار الفكري الوضعي والتحليلي المعاصر، الأمر الذي جعل دراسة فتجنشتين ومعرفة أفكاره وتحليلاته المنطقية التي اعتبرها راسل لعمقها ولاتساع مجالها حدثاً عاماً في تاريخ الفلسفة. إقرأ المزيد