دولة بني طريف البرغواطيين ؛ تاريخها السياسي وحقيقة ديانتها ( 122 - 451 هـ ؛ 739 - 1059 م )
(5)    
المرتبة: 91,741
تاريخ النشر: 13/04/2022
الناشر: دار ومكتبة البصائر للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:لم تحافظ بلاد المغرب بعد استكمال فتحها من قبل المسلمين في أواخر القرن الأول الهجري على صلات الولاء والإرتباط بمركز الدولة العربية الإسلامية، إلا لمدة قصيرة قاربت ثلث قرن من الزمان؛ إذ سرعان ما اندلعت ثورات الخوارج فيها في العشرينات من القرن التالي، هذه الثورات التي كانت استجابة قوية ...لإنتشار المذهب الخارجي بفرقتيه الصفرية والإباضية في تلك الرقعة من العالم الإسلامي المترامي الأطراف.
وقد أفلحت هذه الثورات الخارجية المستمرة، ومنذ أواخر العصر الأموي، في إقامة، في إقامة بعض الكيانات السياسية المستقلة عن سلطة الدولة المركزية في المشرق.
وتعدّ دولة بني طريف البرغواطيين التي أقامها الخوارج الصفرية سنة ١٢٢هـ / ٧٣٩م في إقليم تامسنا المطل على المحيط الأطلسي في طليعة الدول التي أعلنت انفصالها عن جسم الدولة الأموية، فكانت بذلك أول كيان سياسي تشهده بلاد المغرب بالمعنى الدقيق.
ولم تتميز هذه الدولة بتصدرها للحركة الإنفصالية عن السلطة المركزية في المشرق فحسب، بل - وهم الأهم - بما نسب إليها من إنحراف الديني على يد ثاني حكامها صالح بن طريف (١٢٧ - ١٧٤هـ / ٧٩٠م) الذي أشير إلى ادعائه النبوة وتأسيسه ديانة منشقة عن الإسلام.
وبما أن بني طريف البرغواطيين كانوا حكام دولة قبل أن يكونوا مبتدعي ديانة، ونظراً للترابط الوثيق بين الجانبين: السياسي والديني.
ومن هذا المنطلق، يأتي هذا البحث الذي يمثل دراسة للأوضاع السياسية لدولة بني طريف التي أربأ عمرها على ثلاثة قرون، وذلك منذ سنة ١٢٢هـ / ٧٣٩م وحتى سنة ٤٥١هـ / ١٠٥٩م، دراسة قائمة على نقد وتحقيق الروايات التي تطرقت إلى تاريخ هذه الدولة، ولا سيما الكشف عن حقيقة ما نُسب إليها من إنحراف ديني.
هذا الإنحراف الذي كان - على ما يبدو - سبباً في استبعاد هذه الدولة من قائمة الدول الإسلامية في بلاد المغرب، مما أدى إلى إحاطة تاريخها بستار من الغموض والإبهام.
وعليه، تطلبت مادة البحث تقسيمه على خمسة فصول، يتبعها تمهيد عن تسمية وجغرافية إقليم تامسنا مركز دولة بني طريف سنة ١٢٢هـ / ٧٣٩م، حيث تطرق الباحث وضمن هذا الفصل إلى عوامل قيامها، كما والبحث في الإختلاف الحاصل بين الروايات حول مؤسسها، فيما إذا كان طريف أو شخص آخر يسمى صالح، وكذلك الإختلاف الحاصل بينها حول أصل بني طريف، إذ عدَّتهم بعض الروايات ذوي أصل يهودي، في حين عَدَّتْهم روايات أخرى بربر عن قبيلة برغواطة المصمودية، بالإضافة إلى ذلك عُنِيَ هذا الفصل بالحديث عن طريف (١٢٢ - ١٢٧هـ / ٧٣٩ - ٧٤٤م) مؤسس هذه الدولة وأول حكامها، ولكون عهده جزء لا يتجزأ من المرحلة التأسيسية لدولة بني طريف.
دون أن يغفل الباحث عن مناقشة ما ورد من خلط في بعض بين طريف هذا، وطريف بن مالك قائد الحملة الإستطلاعية التي انطلقت من شمال المغرب الأقصى في سنة ٩١هـ / ٧١٠م، كي تمهد لفتح الأندلس على يد طارق بن زياد في السنة التالية.
أما الفصل الثاني، فقد تم تخصصه لبحث عهد صالح بن طريف (١٢٧ - ١٧٤هـ / ٧٤٤م) الذي تميز عن غيره من حكام الدولة بما نسب إليه من ادّعاء النبوة وتأسيس ديانة منشقة عن الإسلام.
وتم التطرق ضمن هذا الفصل إلى بعض الروايات التي نسبت ادعاء النبوة إلى أشخاص آخرين، وبعد بيان ضعف هذه الروايات، عمد الباحث إلى مناقشة ديانة صالح بن طريف بما تضمنته من عقائد وعبادات وتشريعات.
وقد تبين من خلال هذا الفصل أن عهد صالح كان عهداً طويلاً بلغ سبعة وأربعين عاماً؛ ابتدأ سنة (١٢٧هـ / ٧٤٤م، وانتهى سنة ١٧٤هـ / ٧٩٠م) وذلك بوفاته كما صرح ابن حوقل، وليس بتنازله عن الحكم لابنه الياس، ورحيله إلى المشرق بعد ادعائه المهدية كما أشار إلى ذلك معظم المؤرخين.
في حين عني الفصل الثالث بمعالجة الأوضاع الدينية والسياسية لدولة بني طريف بعد وفاة صالح بن طريف سنة ١٧٤هـ / ٧٩٠م، وحتى مقتل سابع الحكام أبي منصور عيسى سنة ٣٧٣هـ / ٩٨٣م الذي ادعى صالح إنه سيظهر في عهده كمهدي أكبر، ولكون الحقبة التي أعقبت مقتل سابع حكام الدولة أبي منصور عيسى.
وقد تميزت عما قبلها بإغفال الروايات عن ذكر الحكام الذين تولوا خلالها، بإستثناء آخرهم أبي حفص عبد الله الذي قتل على أيدي المرابطين سنة ٤٥١هـ / ١٠٥٩م.
وفضلاً عما تميزت به هذه الحقبة من تعرض دولة بني طريف إلى عدد من الغزوات التي قامت بها القوى الإسلامية في بلاد المغرب، لذا فقد كانت هذه الحقبة التي انتهت بسقوط دولة بني طريف على أيدي المرابطين سنة (٤٥١هـ / ١٠٥٩م) موضوعاً للفصل الرابع.
أما الفصل الخامس والأخير فقد تم تكريسه لدراسة العلاقات السياسية لدولة بني طريف مع أمويي الأندلس وبعض قوى المغرب الإسلامية، فضلاً عن دراسة العلاقات الدينية التي نسبت إليها مع بعض الحركات الدينية المنحرفة عن الإسلام. إقرأ المزيد