تاريخ النشر: 27/01/2022
الناشر: دار الأرقم
نبذة الناشر:لعل أهم مقاييس الحداثة الشعرية، كما يعلن عنها كبار النقّاد الغربيين المعاصرين، وجوب الإبقاء على الفواصل الأساسية بين لغتي الأدب: الشعر والنثر. فمهما تقاربت الحدود بين المنظوم والمرسل من أساليب الكلام: كأن يفيد الكتّاب في طرائقهم من سمات الشعر وطبائع الشعراء، أو يكتسب الشعراء، في المقابل، من مهارات الناثرين في ...صنيعهم الشعري، فليس من صالح هذا الفريق أو ذاك، أن يجري كل واحد منهما في حلبة الآخر حتى نهاية الشوط، والأبعد من ذلك بالنسبة للشعراء، يمكن الجزم وبكثير من اليقين، أن إمعان الشعراء في الانزياح عن عالمهم الخاص لمنافسة الناثرين في حقلهم بالذات.. ليس دليل عافية ولا عنوان صحة في عالم الشعر. فهناك دلالة أساسية جوهرية على سموّ الشعر وارتفاعه إلى مرتبة الحداثة.. وهي أن يظل ما ينفرد به الشاعر في قوله، مستعصياً، إن لم يكن مستحيلاً بالقياس إلى لغة المنثور ومنطق هذه اللغة. وليس شيء أدعى إلى الأسف، وأكثر إثارة للأسى، من رؤية طائفة من أدعياء الحداثة في الشعر، الذين تقاصرت مواهبهم عن امتلك موازين الخليل وعروضه، يندفعون مخدوعين بباعث من هذا القصور وعلى صهوة "مركّب التعالي" لاهثين وراء أزياء من شعر الحداثة هم غرباء عنها بهويتهم الاجتماعية وتجربتهم الوجدانية، لأن مثل هذه الأزياء ليست من ثمرات المدّ الحضاري العربي الذي تمردوا عليه وتطاولوا على قيمه وأصوله. وهم بهذا الانحراف الثقافي يعانون اغتراباً مزدوجاً وضياعاً متمادياً ويستثنى من هؤلاء كوكبة معروفة من شعراء الحداثة، هم أولئك الذين دخلوا الحلبة على جيادهم العربية الأصيلة فاجتازوا الشوط الكلاسيكي بنجاح فتابعوا الجري في ميدان الحداثة الشعرية في مدّ ثقافي أصيل، دون أن ينتقصوا من التراثية والأصالة. إقرأ المزيد