دين العقل وفقه الواقع : مناظرات مع الفقيه السيد أحمد الحسني البغدادي
(0)    
المرتبة: 56,224
تاريخ النشر: 08/07/2021
الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية
نبذة نيل وفرات:في الحديث عن الدين والتدّين، الدين والعقل، الدين والواقع، الدين والعلم، الدين والقانون، ما زالت تلك الحقبة المظلمة التي يقابلها في أوروبا القرون الوسطى تسكن الكثير من عقولنا وتعشعش في لغتنا السائدة والمستخدمة بقواميسها ومفرداتها واشتقاقاتها وأحكامها وتتحكم في سلوكنا وتهيمن على عاداتنا وتقاليدنا لتفرض الركوز والرقابة والنمطية والشكلانية ...على حياتنا وتفرش جناحيها على نمط تفكيرنا لتجدّنا إلى الماضي بدلاً من التطلع إلى المستقبل.
ولعل هذه الحقيقة بقيودها الثقيلة تجعلنا في اغتراب عن واقع التطور الذي يعيشه العالم بما فيه من اكتشافات علمية وتقانية مذهلة، ناهيك بأفكار وقيم وأخلاق ونظم وقوانين ومؤسسات وتشكيلات تتوالد في خضم عالم يشهد يومياً تغيرات فائقة السرعة في جميع مجالات الحياة.
وإذا كان هذا هو الوضع الإغترابي الذي تواجهه مجتمعاتنا اليوم بوجه عام، فإن الوسط الديني يعيش مثل هذا الواقع بدرجة أكبر وعلى نحوٍ أشدّ وأكثر حدّة واستقطاباً؛ سواء من داخله أم من خارجه بما يفرضه من سور حول نفسه، في حين تتفاعل عوامل التغير المذهلة في كل شيء على الرغم من الكوابح الكثيرة التي تحول دونه وتمنع السير باتجاهه أو تعرقل مساره، علماً أنه لم يعد أي مجتمع أو جماعة بشرية بمنأى عنه لأنها لا تعيش في جزيرة معزولة، فهي جزء من عالم مترابط ومتراكب ومتشابك لا مندوحة له إلا بالتواصل والتفاعل والتداخل معه ولكي تتحقق عملية التغيير لا بد من تراكم وتطور تدريجي وصولاً إلى ثورة حقيقية ديكارتيه بالمعنى الإصلاحي الذي حدث في الفلسفة الغربية لتنزيل الكثير من التّرهات التي علقت بالفكر العربي والفقه الإسلامي على مدى قرون من السبات والسكونية والجمود والتخلف التي عانتها مجتمعاتنا، والأمر بقدر ما هو بحاجة إلى مقدمات فكرية تنفض عنه غبار العصور السالفة، فإنه بحاجة إلى إرادة لولوج طريق التنمية والتقدم بما يتطلبه من توفير المستلزمات المادية الضرورية التي لا غنى عنها لعملية التغيير ذاتها.
ما نحتاج إليه اليوم هو إخضاع ما لدينا من سلطات ومؤسسات ولغات ومعارف وموروثات وأخلاقيات وقوانين وطرائق تديّن وإيمانيات "بعضها" لا علاقة له بالدين، للنقد حتى وإن كان خروجاً من المسلمات والتعينيات، ما دام هدفه البحث عن الحقيقة، الأمر الذي يحتاج إلى انفتاح واستعداد فكري يسعى لتفتح العقول لتقبل ما ينسجم مع الثورة التي يشهد القرن الحادي والعشرون على جميع المستويات التي تجاوزت ما أنتجه العقل البشري على مدى خمسة قرون من الزمان، وهذا يعني إدراك "روح العصر" الذي نعيش فيه ومتغيراته بكلياته وجزئياته، بأفكاره النظرية وملموسياته العملية لإعادة إنتاج الفكر بما يؤدي إلى التواصل، بدلاً من الإنقطاع والحلول، بدلاً من النفي والإنبعاث بدلاً من القطيعة وليتساوق مع التغييرات على الصعيد الإقتصادي والإجتماعي والثقافي والتكنولوجي والبيئي والصحي والنفسي وفي جميع الميادين...
ثلاث قضايا لا بد من اجتماعها لتطورنا هي المعلومة والمعرفة والحكمة، والأخيرة هي الأعلى درجة والسبل إلى ذلك يتم بوعي الذات والحوار ومن خلالهما تنضج الأدوات المناسبة، وأي حوار سيكون موجّهاً إلى الآخر مثلما هو موجّه إلى الذات... فالحوار هو كشف "لأعماق القلب الإنساني" وسبر "لأغوار النفس البشرية" [...].
في هذه المناخات تأتي هذه المناظرات مع السيد البغدادي التي فيها متعة بقدر ما فيها فائدة لأنها تتسم بالصراحة وهدفها البحث عن الحقيقة، وليس هناك غالب أو مغلوب، ولا يريد أحد أن يسجّل على الآخر نقاطاً للفوز بقدر الرغبة في تبادل الآراء ووجهات النظر وإعادة قراءة لبعض المسلمات واليقينيات والقناعات والأطروحات بإخضاعها للتعدد وضعها تحت مجهر التفكير بما ينسجم مع روح العصر، وما يجمع المتحاورين: السيد أحمد الحسني البغدادي والمفكر عبد الحسين شعبان مشتركات كثيرة ومختلفة غير قليلة، وهذا ما ساهم في إغناء هذا الحوار المفيد والموضوعي الذي يدور في أفق ماهية دين العقل وفقه الواقع، وصولاً لسدّ تلك الثغرة التي أوجدها البعض بين الدين والواقع، لإخضاع ما لدينا المؤسسات والسلطات واللغات والمعارف والأخلاقيات والقوانين وطرائق تدين وإيمانيات مما ليس له علاقة بالدين للنقد، وذلك بهدف البحث عن الحقيقة.نبذة الناشر:كيف نقرأ النصوص الدينية؟ الجواب عن هذا السؤال نجده في هذا الكتاب للمفكّر العلماني عبد الحسين شعبان ومناظراته مع الفقيه الإسلامي أحمد الحسني البغدادي التي تناولت معظم القضايا الخلافيّة، بدءًا من الانقسامات الماضويّة وصولاً إلى الراهن وما أنتجه من انهيارات وتداعيات لعبت الإسقاطات المسحوبة من زمنٍ مضى إلى حاضرٍ حائر بين القبول بالأمر الواقع ورفض ما هو مفروض على الناس باسم الولاية والمرجعيّة.
أهميّة المناظرات أنّها تفتح ملفّات لا يزال لها وقعها الذهني في الحاضر التائه في خياراته بين نصٍّ لا يمكن تغييره وبين قراءة له جرت في زمنٍ مختلف ويحتاج إلى إعادة قراءة حتى يتناسب مع وقائع جارية في عصر التنوير والتطوّر والتكنولوجيا. هنا تكمن الحلقة المركزيّة في سلسلة المناظرات وهي تتكثّف في نقطة مفصليّة تؤكد تشدد سؤال منطقي – تاريخي: هل نكتفي بالتفسيرات والتأويلات والروايات والإخباريّات المنقولة عن الماضي لترسيم هُويّة الحاضر، أمْ أنَّ ضرورات الوقائع الجارية تتطلب تصحيح زاوية الرؤية حتى تكون منسجمة ومتناسقة مع حاجات زمن اختلف في تكويناته وقناعاته عن حقب غابرة ومعزولة عن تطلّعات الأجيال المعاصرة والباحثة عن أجوبة تتناسب مع ظروفها الحاضرة؟ إقرأ المزيد