تاريخ النشر: 01/01/2022
الناشر: منشورات الجمل
نبذة نيل وفرات:عن أفلاطون تصدر كل المسائل التي ما زال المفكرون، والكتّاب إلى يومنا هذا يكتبونها ويتناقشون فيها... إن كتبه هي توراة المتعلمين منذ اثنين وعشرين قرناً... فسانت أغسطين، وكوبرنيس، ونيوتن، وبهمن، وسويدنبرغ، وغوته هم كذلك مدينون له؛ هو الرائد وهم التابعون، لأنه من الإنصاف أن تنسب إلى هذا "المعلم العظيم" ...كل التفاصيل التي تستخرج من فلسفته...
أفلاطون هو الفلسفة، والفلسفة هي أفلاطون، أنه لمن مجد البشر البشر ومن هَوْنِهِمْ أن لا يستطيع سكسوني ولا روماني زيادة فكر واحد على مقرراته، لم يكن له زوجة ولا أولاد، ولكن المفكرين في كل العالم المتدن هم وارثوه المتسمون بسيماء عقله...
لقد طبعت كتب أفلاطون كل مدرسة من مدارس التعليم، وكل محبّ من محبي الفكر، وكل كنيسة، وكل شاعر، وأكثرها يثير الإعجاب "العصرية" الواضحة في روحه وأسلوبه، إن فيه جرثومة أوروبا التي نعرفها وبتاريخها - تاريخ أسلحتها وفنونها، إنك تستطيع أن تتبين كل لذّاتها ومميزاتها في عقل أفلاطون، ولا تستطيع أن تتبينها في أحد قبله.
لقد تفرعت هذه العناصر ونزلت في مئات من مجلدات التاريخ لكن عنصراً واحداً جديداً لم يضف إليها، إن هذه "العصرية" المتجددة هي مقياس العظمة في كل فن، لأنها تدل على أن صاحبها لم يغترّ بشيء محلي، زائل، بل مُني بالصفات الحقيقية الخالدة...
ما أكثر العصور التي كرّت وهو لا يزال جالساً على عرشه لا يقاربه أحد! من يداخله أقل ريبة في أثر أفلاطون؟... انظر إلى الأكاديمية التي أنشأها، أول الجامعات في التاريخ، وأطولها عمراً، انظر إلى الإهتمام العام والتجديد المتكرر الذي كان من نصيب فلسفته، انظر إلى المقام الذي أحرزه في ثقافة القرون الوسطى وما لفكره من الأثار في المباحث اللاهوتية الحديثة، واذكر ان مائة ألف تلميذ أو أكثر في كل أنحاء العالم مُكبّون اليوم على "جمهوريته" و"محاوراته"؛ إنها لمن أثمر الآثار التي يقتنيها البشر، ففيها اتخذت الفلسفة أولاً شكلاً معيّناً، ولما أفاض عليها أفلاطون من عواطف شبابه الزاخرة المتنوعة بلغ بها قمة الإبداع العليا، والجمهورية!... فيها تجد مباحث ما وراء الطبيعة، والآداب، وفلسفة النفس، واللاهوت، والسياسة والفن، فيها تجد المبادئ التي تنشدها طالبات التحرر من النساء، وفيها تقع على القواعد التي يدعو إليها علماء الحياة لتحديد النسل، فيها تعالج مبادئ الإشتراكية (بل والشيوعية) واليرجنية والأرستقراطية والديموقراطية والتحليل النفسي والمذهب القال بأن الحياة مظهر من مظاهر التفاعل الكيماوي.
فلا عجب أن يقول "إمرسن" في هذا الكتاب "احرقوا كل الكتب ففي هذا الكتاب غنى عنها"... وحول جمهورية أفلاطون يجري البحث في هذا الكتاب، ولكن يجب التنويه، لا يذكر أفلاطون إلا ويذكر سقراط، فـ أفلاطون تلميذ سقراط، وعلى لسانه أجرى المحاورات التي ترفعه إلى طبقة بين الفلاسفة والشعراء، ولا بد من فهم سقراط لأجل فهم أفلاطون بوجه عام، ولفهم الجمهورية بوجه خاص.
لذا تم في هذا البحث البدء بتحليل الجمهورية بمحاولة تحليل الرجل الذي جرت على لسانه؛ أي سقراط، وبالنسبة لجمهورية أفلاطون فهي الدولة برجالها، والأمة بآحادها، وحول هذا المحور يدور القسم الأكبر من مباحث تلك الجمهورية، فتربية الرجال ومكانتهم، ورعايتهم ما لهم من النفوذ في الدولة، يشغل القسم الخيال في جمهورية أفلاطون، وقد رمز بذلك إلى الرجل الفذّ الأريجي؛ الحكيم الشجاع العفيف العادل، الذي يدعوه "المثل الأعلى"، وهو ركن الدولة المثلى، فإذا سرّح القارئ رائد طرفه في الجمهورية؛ رأى أمامه جوّاً صافياً، حافلاً بالمثل، مزداناً بغُرر الأفكار، فتثور في نفسه محبة الجمال، وتنطبع تلك النفس بطابع الجمال الذي رأت مثله في تفكير أفلاطون؛ من نزاهة نفس، وسديد رأي، وثاقب نظر، وعالي همّة، وترفّع عن التقليد والزلفى، وعن مسايرة البيئة، ففي هذا الموقف يتجلّى للذهن جمال الحقيقة الخلّاب، فتصير خالته المنشودة...
هذا هو النمط الذي تنشده جمهورية أفلاطون، وأخيراً يشير المترجم بأن هناك ثلاث ترجمات وقع عليها وهي: ترجمة سبنس، وترجمة دافيس وفوغان، وقد بذل وسعه في اختيار أصحها، لأنها تختلف في كثير من مواقفها إختلافاً كبيراً، مؤثراً في اختياره أقربها لروح أفلاطون، معتمداً بالأكثر ترجمة دافيس وفوغان، لعلمه أنها معتمدة في جامعة أكسفورد، ولأن أكابر الكتاب والفلاسفة والعلماء يعتمدونها، كدورانت ورسل والانسكلوبيديا، منبهاً إلى ما ورد في كتاب الجمهورية من الأشعار ومن نظم هوميروس وهسيسووس، وبإن غرض أفلاطون في ذلك نقدها، وتفنيد ما تتضمنه من المبادئ الفاسدة والتعاليم المنكرة، لذا على القارئ ألا يتأثر بها، فمسألة شاعريتها وبلاغتها غير مراءة في هذا السياق.نبذة الناشر:من يداخله أقل ريبة في أثر أفلاطون؟ انظر إلى الأكاديمية التي أنشأها، أول الجامعات في التاريخ، وأطولها عمراً، انظر إلى الاهتمام العام والتجديد المتكرر الذي كان من نصيب فلسفته.
انظر إلى المقام الذي أحرزه في ثقافة القرون الوسطى وما لفكره من الأثر في المباحث اللاهوتية الحديثة، وأذكر أن مائة ألف تلميذ أو أكثر في كل أنحاء العالم المتمدن مكبون إلى اليوم على "جمهوريته" و"محاوراته".
إنها لمن أثمر الآثار التي يقتنيها البشر، ففيها اتخذت الفلسفة أولاً شكلاً معيّناً. إقرأ المزيد