تاريخ النشر: 01/01/1997
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
نبذة نيل وفرات:ولد أفلوطين صاحب هذه التاسوعات على وجه التقريب بين عامي 202-204م في مدينة ليكوبوليس في مصر. وعندما بلغ الثامنة والعشرين من العمر عكف على دراسة الفلسفة في الإسكندرية حيث خاب أمه من هذه الدراسة. وفي الفترة الواقعة ما بين 231-242 تابع أفلوطين مع أحد أصدقائه دراسة الفلسفة مع الأستاذ ...أمونيوس مدة 11 عاماً، حيث كان زميلاً لهزفيوس وأورويجين الوثني الذي ذكره فرفريوس مرات عديدة في كتابه، وفرفوريوس هذا هو تلميذ أفلوطين وفي عام 300 بدأ بكتابة حياة أستاذه أفلوطين وتاسوعاته وكان له من العمر 68 عاماً. وفي طبعة لمقالات أستاذه، اتبع فرفريوس نسقاً تنظيمياً حراً دون الأخذ بعين الاعتبار التدرج التاريخي الذي وضعت فيه هذه المقالات، فجاءت بطريقة اعتباطية، كان يريد أن يحصل على 54 مقالة، وهذا يعني مجموع ضرب الأعداد 6×9.
فالتاسوعات هي إذاً 6 مجموعات لتسع مقالات كل مجموعة بالنسبة إلى فرفريوس مؤلفة من مقالات تنتمي إلى موضوعات مشتركة. التاسوع الأول يتضمن موضوعات في الأخلاق. الثاني موضوعات في الطبيعيات. والثالث موضوعات تتناول العالم الكلي. والرابع يختص بالنفس. والخامس بالروح الإلهي. والسادس بالخير والواحد (حياة أفلوطين 24، 16). كل هذا يبين نوايا فرفريوس الخاصّة. هذا الترتيب النسقيّ، والذي أدخله اصطناعياً أفلوطين ضمن نظام يقسمها حسب التدرج الفلسفي الذي يميز ثلاث مراحل في الارتقاء الروحيّ. الأخلاق أو الأخلاقيات وضعت في البداية للتأكيد على التطهّر الجذري للنفس في علمية الارتقاء. الطبيعيات تأتي فيما بعد لتتوّج التطهّر الذي يطال المحسوسات. وبعد ذلك تأتي الميتافيزيقا الألوزية التي تتيح للنفس المطهّرة كل التجليات الإلهية الفائقة.
هذا التقسيم للفلسفة اتّبعه "بلوتارك" و"ثيون السميري" و"كليمانس الإسكندري" و"أوريجين". وقد لعب هذا العلم دوراً مؤثراً في التصوف المسيحي، ويمكن القول بأن هذا التنظيم الذي أدخله فرفريوس إنما هو تعسفي، ذلك أن أفلوطين كان يعالج كلّ الموضوعات بعضها مع بعض من الأخلاقيات والطبيعيات إلى الميتافيزيقا، ولا يتّبع بذلك التنظيمات المدرسية. إنها كتابات ظرفية تتناسب مع الموضوعات المطروحة والمناسبة، كما يقول فرفوريوس ذاته. إلا أنه حفظ في حياة أفلوطين، لائحة تتبع التدرّج التأريخي لمقالات المؤلف والتي تعطي فكرة مناسبة عنها، بحيث يتمكن الباحث، وعبر هذا التدرج مقارنته مع التدرج التعسفي الذي قام به فرفوريوس. فعند قراءة مقالات أفلوطين بذاك الترتيب التأريخي، لن يكون بالإمكان الوقوع على تطور تفكير أفلوطين الفلسفي، بل يتبين هذا الترتيب بأنه بقي أميناً مع ذاته حتى في تعبيره عن ذاته، كما يبين بوضوح مختلف الموضوعات التي شغلته في مختلف مراحل حياته، وكيف أن مجموعة المقالات تستجيب لموضوع محدد ودقيق. وتجدر الإشارة إلى أن "تاسوعات" أفلوطين هذه (204-270م) تعتبر من المصنفات الفلسفية الخطيرة في مسيرة الفلسفة عبر العصور. لكنه لم يحظ بترجمة عربية كاملة إلى أن أقدم الدكتور فريد جبر على نقلها إلى العربية من الأصل اليوناني. وكان دقيقاً في تعريبه وفي أمانته للنص المنقول حتى النهاية، وخلاق في تخريج مصطلحاته المستلة من العلوم الفلسفية اليونانية والعربية، بحيث سيدرج اسم الدكتور جبر في خانة كبار النقلة المبدعين في مجال الترجمة واشتقاق المصطلحات. إقرأ المزيد