الأم فرتر؛ الدراسة التحليلية النقدية
(0)    
المرتبة: 119,831
تاريخ النشر: 11/08/2020
الناشر: دار العلم للملايين
نبذة نيل وفرات:هذه هي حكاية "آلام فرتر" باختصار، لم يكن الحدث في هذه القصة بالمهمّ، ولا بالكبير المعقد؛ بل كان حدثاً بسيطاً من حيث هو حدثٌ في مجتمع، لكنه في الوقت نفسه حدثٌ كبير ومهم وخطير من حيث هو حدثٌ مسرحه القلب، وأبطاله العاطفة والإحساس والقصة مفادها أن الشاب "فرتر" التقى ...المهذّبة "شارلوت"، على غير موعد، وفي وقت جاء متأخراً عما يجب أن يكون، فقد كانت الفتاة إذ ذاك مخطوبة إلى الشاب المرموق "ألبير"، الذي كان قد أحبّها، وبدا أنها بادلته تلك العاطفة وأعجبت به إعجاباً كبيراً، ثم تشاء الصدف أن يلتقي بها "فرتر" الذي وقع حبه في قلبها الذي تعلق به إلا أن هذا الحبّ من قبل "فرتر" لم يؤثر على مدى إلتزامها بعلاقتها بخطيبها، فسيطرة على مشاعرها، وأخفت أحاسيسها، وكبتت حبها الجديد، وبقيت تعيش صراعاً نفسياً عنيفاً، صراعاً بين حبٍّ جديد متأجج، وحبّ قديم يعزّزه الإعجاب الشخصي والواجب الإجتماعي، وقواعد السلوك التي فرضها الأهل والمجتمع.
لم يأنف "ألبير" خطيب "شرلوت" من أن تجمع الصداقة بين الثلاثة، ولم يَضِرْهُ شيء ما دام حبّ الطرف الآخر مكنوناً في الصدر، وما دام هو واثق من رجاجة عقل "شرلوت" خطيبته، ومن ثم زوجته فيما بعد.
بيد أن أحاديث الناس من حوله حول حبّ زوجته لـ "فرتر" بدأت تتسرب إلى مسامعه، فتغير موقفه من "فرتر"، وطلب من زوجته الإبتعاد عنه، وهنا بدأت عقدة القصة بالإزدياد تأزماً، حتى لم يجد "فرتر" أمامه، بعد أن أخبرته "شارلوت" أنها مزمعة على قطع علاقتها معه وذلك تحقيقاً لرغبة زوجها، من جهة، وحفاظاً على سمعتها من جهة أخرى.
ولكن فكرة الإبتعاد عنها وقطع العلاقة بها، وإلغاء وجودها من عالمه أدّى ذلك كله إلى فقد أمله بالحياة بدونها مما ساقه إلى الإنتحار.
ومع إنتحاره تنتهي القصة، هذا من جهة الحدث الخارجي، أما على الصعيد المنولوجات الداخلية على جميع مستوياتها العاطفية والتي سرحها القلب، فقد استغرق أقل من مئتي صفحة من حجم القصة، وهذا ما أملته الرومانسية التي بدأت معالمها بالظهور فيما كتبه جان جاك روسو في فرنسا، وفيما كتبه غوته نفسه في ألمانيا، فكان كلاهما رائدي الأدب الرومانسي الذي بدأت ملامحه بالظهور وذلك في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، هذا وقد طغى هذا الأسلوب "الرومانسية" وأصبح شائعاً في أوروبا على مدى إمتداد القرن التاسع عشر، وما لبثت آثاره بأن وصلت إلى الشرق العربي في أوائل القرن العشرين.
ومهما يكن من أمر، فإن القصة وكعمل فني ينهض به كاتب متمّرس ذا ثقافة وموهبة بما يتمتع من القدرة على التخيل، وتوظيف ذاك الخيال بأسلوب يجمع بينه وبين الواقع الذي استطاع، وبحساسيته المرهفة، التقاطه من الحياة اليومية للإنسان كاشفاً بذلك عن خباها بأسلوب رائع ولكي تكون القصة أو الرواية، ذلك العمل الأدبي، عملاً له وقعه بين القرّاء يجب أن يتمتع بحسٍّ فني يلامس دقائق حياة شريحة كبيرة من الناس، ويعرضها مع شيء من الخيال من خلال أحداث تحكي الواقع بأسلوب متميز، عاكساً خصائص بيئته الطبيعية والإجتماعية والثقافية، تتحرك في تلك الأحداث شخصيات مؤثّر لها وقعها عند المتلقي، الذي يتفاعل معها، حيث يصل الكاتب من خلال ذلك إلى هدف رسمه بلغته وأسلوبه.
وفي هذا التعريف تتمدد عناصر القصة ومقوّماتها من حيث تكون من أساسياتها: بيئة، وحبكة قصصية (عمل قصصي)، وشخصيات، وهدف، وأسلوب، ولغة.
من هنا، يأتي هذا الكتاب الذي يقدم دراسة حول العمل الدرامي في قصة "آلام فرتر"، حيث تبيّن هذه الدراسة قدرة الكاتب على مآلفته بين هذه العناصر، ونجاحه في ذلك من خلال وصوله إلى هدفه وغايته في إبداع عملٍ قصصي مؤثر. إقرأ المزيد