الخطاب والمعرفة ؛ الرحلة من منظور السرديات الأنثروبولوجية
(0)    
المرتبة: 21,505
تاريخ النشر: 30/03/2018
الناشر: المركز الثقافي العربي
نبذة نيل وفرات:ينصب تركيز السرديات ، أساساً ، على بُنية المحكي المتشكلة من عناصر الزمن والمكان والشخصية والحدث والمنظور ، وهو بوابات لتغطية الجوانب الإنسانية الأساسية التي تشتغل بها الانثروبولوجيا الثقافية ، بل هي الكواشف والتجليات التي يتمظهر عبرها السلوك النشري ؛ بخاصة إذا ما استطاع الباحث أن يُعبّد له سبلاً ...سالكة تنقلها من المجال السردي الخالص إلى المجال الانثروبولوجي على سبيل المقارنة التي تجمع بين السرديات وعلم الأناسة ، من أجل احتواء البنيات الدلالية المشتركة التي تحتويها نصوص الرحلات ، استغلالاً للمنافذ المشتركة السابقة الذكر ، حيث لا مجال للقبض على الإنساني دون ما تتبع لأثر عبوره المتجسد بواسطة شخصيته وأفعاله وسلوكياته وزمانه ومكانه والمنظور الذي من خلاله ينظر إلى العالم ويتفاعل مع قضاياه ، وبحكم أن العمل الأنثروبولوجي ينطلق أساساً من بنيات يستقيها الإثنوغرافي من خلال معايشته أقواماً ومجموعات بشرية قيد الدراسة ؛ يرى المؤلف أن النصوص السردية تمنح للباحث في السرديات الأنثروبولوجية مادة أثنوغرافية هامة ؛ سواء على مستوى المشاهدات والتجارب السير ذاتية التي تكشف حيوات شخوص واقعية ، أو على مستوى المحكي المتخيل الذي يرصد أسلوب اشتغال الذهنيات ، ويبرز العوامل المتحكمة بشكل واعٍ ، وقد لمس أن النص السردي الرحلي هو أكثر الأنواع السردية استجابة لهذه المقاربة ، ولكونه يضع بين يدي المتلقي بيانات ثرية وتقارير شاملة حول إنسان المرحلة ، أشبه ما تكون بالعمل الذي يقوم به الاثنوغرافي ، لكنه غير واعٍ ، أي أن الهدف بين العملين ( العمل الوصفي والعمل الرحلي ) كان واحداً ، لكن أسلوب العمل ومفاهيمه وأدواته والوعي به ظل مختلفاً ، لكن ما دامت هذه النصوص الرحلية تحكي عن أزمنة غابرة ما عاد بالإمكان ، اركيولوجيا ، القبض على ملامحها بالشكل العلمي الذي وصلت إليه الاثنوغرافية التوثيقية الآن ، فهي تفي بالغرض ، وتبقى ذخائر نفسية يمكن اعتمادها من أجل الوصول إلى الفنيات العامة لإنسان ذلك العصر ، وصورته العامة المحددة لسلوكه وعلاقاته ومبادىء صراعه مع الطبيعة ؛ والهواجس المزخرة لهذا الصراع . وبما أن نصوص الرحلات في الغرب الإسلامي كثيرة ومتنوعة ، سواء من حيث المادة أو من حيث البناء الشكلي أو من حيث أصنافها ، فقد عمد المؤلف إلى انتقاء منها ما يُحبل بالمادة الاثنوغرافية القحينة بتيسير مسالك البحث ، مراعياً في ذلك التمثيلية والملاءمة ، واتخذ بناءً على ذلك ؛ نص إبن بطوطة متناً مركزياً للبحث ، في حين أن النصوص الأخرى شكّلت المحيط المعزز لبيانات النص المركزي ، مرتكزاً في اختيار هذا على طبيعة المادة الأثنوغرافية القوية التي تستضحها النصوص ، فضلاً عن خصوصيات النص السردي ، مراهناً ، لأجل بلوغه المرمى المنشود ، على مقاربة منهجية تنطلق من السرديات أساساً ، لتعرج على مجال الأنثروبولوجيا ، استلهاماً لأدواتها ومفاهيمها الإجرائية ، فقسم بحثه هذا إلى بابين : الأول خصصه لتحليل البُنى السردية في الرحلات ، مراعياً خصوصية المتن المدروس ، وفيزات نوع الرحلة الذي حقق ، على مستوى التدوين ، تراكماً مهماً في العصور الوسطى بخاصة . من أجل ذلك تناول عناصر السرد داخل هذه النصوص كلاً على حدة : الشخصية ، صيغ الحكي ، التبشير ، والفضاء ، مبيّناً ما يميّز كل عنصر عن نظيره في النصوص المتنوعة ، ومركزاً على هيمنة الخبر على السرد ، ومبرزاً تأثير ذلك على العالم السردي ككل . مخصصاً الباب الثاني لمقاربة المادة السردية التي أفضى إليها الخطاب الرحلي مقاربة تستند إلى المنظور الانثروبولوجي من خلال توظيف بعض المفاهيم الإناسية في تحليل العالم الذي تقدمه المتون الرحلية وفق الرؤية التي تحكم صاحب الرحلة ، ومعرفة كيفية اشتغال نسق التفكير والقيم لديه . إقرأ المزيد