شرح أصول الكافي ؛ كتاب الإيمان والكفر القسم الأول - الجزء الثامن
(0)    
المرتبة: 124,281
تاريخ النشر: 01/01/2015
الناشر: دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر
نبذة نيل وفرات:"أحقّ ما اقتبسه العاقل، والتمسه المتدبّر الفطن، وسعى له الموفّق المصيب: العلم بالدين، ومعرفة ما استعبد الله به خلقه من توحيده، وشرائعه وأحكامه، وأمره ونهيه وزواجره وآدابه، إذ كانت الحجة ثابتة، والتكليف لازماً، والعمر يسيراً، والتسويف غير مقبول، والشرط من الله جلّ ذكره فيما استعبد به خلقه أن يؤدوا ...جميع فرائضه بعلم ويقين وبصيرة، ليكون المؤدي لها محموداً عند ربّه، مستوجباً لثوابه، وعظيم جزائه؛ لأن الذي يؤدي بغير علم وبصيرة، لا يدري ما يؤدّي، ولا يدري إلى من يؤدّي، وإذا كان جاهلاً لم كان على ثقة مما أدّى، ولا مصدقاً؛ لأن المصدّق لا يكون مصدقاً حتى يكون مصدقاً حتى يكون عارفاً بما صدّق به من غير شك ولا شبهة، لأن الشاكّ لا يكون له من الرغبة والرهبة والخضوع والتقرّب مثل ما يكون من العالم المستيقن، وقد قال الله تعالى: "إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" ]سورة الزخرف: 86[ فصارت الشهادة مقبولة لعلّه العلم والشهادة، ولولا العلم بالشهادة لم تكن الشهادة مقبولة، والأمر من الشاك المؤدي بغير علم وبصيرة، إلى الله جلّ ذكره، إن شاء تطوّل عليه فقبل عمله، وإن شاء ردّ عليه، لأن الشرط عليه من الله أن يؤدّي المفروض بعلم وبصيرة ويقين، كيلا يكونوا ممن وصفه الله فقال الله تبارك وتعالى: "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" ]سورة الحج: 11[ لأنه كان داخلاً فيه بغير علم ولا يقين، فلذلك صار خروجه بغير علم ولا يقين، وقد قال العالم عليه السلام : "من دخل في الإيمان بعلم، ثبت فيه، ونفعه إيمانه، ومن دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل منه"، وقال: "من أخذ دينه من كتاب الله وسنّة نبيّه صلوات الله عليه وآله زالت الجبال قبل أن يزول ومن أخذ من أفواه الرجال ردّته الرجال" وقال: "من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكب الفتن" فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتاً مستقراً، سبب له الأسباب التي توديه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم بعلم ويقين وبصيرة، فذلك أثبت في دينه من الجبال الرواسي، ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معاراً مستودعاً – نعوذ بالله منه – سبب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة، فذاك في المشيئة، إن شاء تبارك وتعالى، أتمّ إيمانه، وإن شاء سلبه إيّاه، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمناً، ويمسي كافراً، وكلما رأى شيئاً استحسن ظاهره قبله […]".
كان ذلك بعض ما جاء في خطبة المؤلف ثقة الإسلام الشيخ المحدث محمد بن يعقوب الكليني في مقدمة كتابه "الكافي" حيث تضمّن ما أشكل على بعض المسلمين في أمور دينهم، ولم يعرفوا حقائقها لاختلاف الرواية فيها وذلك يعود إلى اختلاف عللها، وحيث أنه ليس باستطاعة هؤلاء وغيرهم ممن يريدون الوقوف على حقيقة هذه الإشكالات ممن يثقون بعلمهم فيها، عمد الإمام الكليني العالم والمحدث إلى تأليف كتابه هذا وأراد أن يسمّيه ب"الكافي" فكان حسب ما أراده من عنوانه: كتاباً كافياً جمع فيه جميع فنون الدين، ما يكتفي به المتعلم، ويرجع إليه المسترشد، ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين والسنن القائمة التي عليها العمل، وبها يؤدّي فرض الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلّم.
ونظراً لأهمية هذا الكتاب "الكافي" فقد تمّ الاعتناء به، حيث تناوله السيد جعفر الحسيني الشيرازي بالشرح، مستعيناً في شرحه بكتاب "مرآة العقول" للعلاّمة المحدّث الشيخ محمد باقر المجلسي، وبكتاب "الوافي" للعلامة الشيخ محمد محسن الفيض الكاشاني، مع ما فيه من الحواشي لجمع من الأعلام، وفي تفسير الآيات القرآنية كتاب "تبيان القرآن" للسيد محمد الشيرازي (والد الشارح)، وبشرح خطب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتاب "توضيح نهج البلاغة" للسيد محمد الشيرازي أيضاً واعتمد أيضاً في مسائل التوحيد على كتاب "كفاية الموحدين" للعلاّمة الطبرسي وعلى غيرها من الكتب، محاولاً ربط الأحاديث الشيفة بالآيات القرآنية – في معانيها وألفاظها – وقد شمل ذلك تسعة أجزاء جاءت مواضيعها التي تم تناولها على التوالي: 1- كتاب العقل. 2- كتاب التوحيد. 3-4-5-6- كتاب -الحجّة. 7- أبواب التاريخ. 8-كتاب الإيمان والكفر. إقرأ المزيد