تاريخ النشر: 25/11/2014
الناشر: دار الآداب
حمّل iKitab (أجهزة لوحية وهواتف ذكية)


نبذة نيل وفرات:"تغادران البيت معاً؛ إيفون بسيارتها وهدى تسرع بإتجاه السفارة الأميركية، مشياً على الأقدام، حماستها الهائلة للإنتقام من تأبط شراً تعرقاً حركة ساقيها وتسرّع نبض قلبها.
صخب المتظاهرين وضجيجهم أمام السفارة الأميركية التكبير طغى على ضوضاء السيارات، رجال الشرطة في كل مكان، منقّبات وغير منقبات، محجبات مع أطفالهن ومن دون أطفال، ...ملتحون وغير ملتحين، تكبير المتظاهرين الله أكبر... الله أكبر...، ودويّ أصواتهن في جنبات الميدان جعل الحمام يتطاير هنا وهناك.
وهي كالحمام تتردد بما عليها أن تفعله، لكن من هؤلاء المحتجون؟ المعارضة الأولى أم جماعات متطرفة أخرى؟! وتشعر بأنها دخيلة على المتظاهرين وعلى المكان كلّه؛ المفروض أن تتماهى معهم أو تتصنع التعاطف مع ما يطلقونه من شعارات، فهل تهتف مع الهاتفين للإقتصاص من الأسد؟ هل تكبّر مع المكبرين؟ تحاول أن تعثر على تأبط شرّاً من دون جدوى، تجد نفسها تسير وتدخل ميدان غرفنر سكوير المقابل للسفارة الأميركية؛ فإذا بها ترى علم كندا فرق فوق بناية بيضاء عريقة في هندستها، يرفّ قلبها لرؤيته.
لقد استبدلته بالعلم اللبناني الذي كان كلما رأته تحسّ باللوعة وبالحاجة إلى البكاء في السنوات الأولى لمغادرة الوطن، غريب! كيف سكت اللبنانيون على عنف الحرب الأهلية اللبنانية وولوا الأدبار، ثم ليعبروا، ثم ليعبروا عن إحتجاجهم ومأساتهم في تلك البلاد البعيدة التي هاجروا إليها في الغرب خاصة!.
تخرج من ميدان غرفنر سكوير إلى المظاهرة غير مبالية بأنها قد تلفت الأنظار وتثير الشبهات، تحاول أن تضيع بين الحشود وهي تبحث عن الأطول قامة من بينهم، عن هشام، وفعلاً لمحته بين المتظاهرين، وهو يخبط بيده في الهواء متخفياً لو أن يده كانت سحرية تستطيع الوصول إلى زجاج السفارة فتكسره وتعبث بالسجلات والوثائق والأوراق!.
تنتظر هدى إنتهاء الإحتجاجات وتفرق المتظاهرين، ونتردد في الإستفسار عن ذلك من فتاة محجبة ابتسمت لها: أرادت أن تسألها متى ستنتهي المظاهرة؛ لكنها عدلت عن ذلك، ولا يمرّ الوقت ببطء... الصراخ يأكل الوقت أكلاً، وبعض المتظاهرين يتفرق، البعض يأكل الحلوى والسندويشات التي حملوها معهم، البعض يتبادل أرقامهم الخليوية، تلاحق بعينيها الوجه الأسمر الذي فتح جبهة حرب معها في الصباح، وما إن رأته يغادر المظاهرة حتى لحقت به، تعجل الخطى تارة وتتمهل تارة، تقطع الشارع إلى الرصيف المقابل، تُزاحم الناس، تتلكأ، تتوارى عن الأنظار، وكأن على رأسها طاقية الإخفاء، حتى رأته يتوقف عند موقف للباصات في شارع أوكسفورد ستريت، فأمهلته خمس دقائق قبل أن تتقدم من الموقف ذاته.
تحاول قراءة الشارة التي فوق العمود لتعرف وجهة باصات هذا الموقف، فجأة تمسك هدى بالعمود بيد، وتمسك رأسها باليد الأخرى، تتظاهر بأنها تشعر بدوار وإعياء مفاجئ، فتحاول قبل أن تقع على الأرض أن تتشبث بإمرأة إنكليزية كانت تنتظر الباص، تتلقفها الأيدي، تأخذ بالهلوسة، باللغة العربية، "يا إلهي سوف أموت، يا إلهي".
لا نستطيع فهم لغتك! آسفين، هل تحدثت النيا بالإنكليزية، فنحن نريد مساعدتك، تقول لها السيدة الإنكليزية، تفتح عينيها وهي في شبه إغماءة، وعندما تلاحظ أن من بين الذين يحاولون مساعدتها الشابّ الأسمر تحدق فيه بإستغراب وذعر، كأنها تريد أن تسأله إن كان يريد حقاً إنقاذها أو يريد أن يشهد بنفسه خروج أنفاسها الأخيرة!... "أرجو أن يطلب أحدكم سيارة الإسعاف" تنادي المرأة، فيقترب تأبط شرّاً ويتبرع بذلك: "أنا سأطلبها"، ثم يقول لهدى بالعربية "سأطلب لك سيارة الإسعاف".
من عمق الألم تنطلق حكايتها حنان الشيخ تحكي ألم وطن ومواطن قدره وقوع بلده في أتون حروب... في غمار فتن... وفي صخب شعارات... شعارات تأخذ أصحابها إلى دوامات عنف تدمرهم وتدمر من حولهم، تروي حنان الشيخ واقعاً تعيشه المنطقة العربية من خلال شخصياتها التي مثلت مدى المعاناة التي تعيشها الأنثى في تلك المنطقة جرّاء شعارات ظاهرها ديني إلا أنها تحمل في عمقها ما يخالف مضامينها، تحكي ذلك وأكثر من ذلك بأسلوب لا يخشى النقد... متجاوزة كل الخطوط الحمر... مسمية الأشياء بمسمياتها إلى حدٍّ بعيد.نبذة الناشر:بعد مضيّ عام على لقاء هدى وإيفون في البحر المتوسّط، حيث هاجت ذكرياتهما المريرة كصخب الموج، تعودان وتلتقيان هذه المرّة في لندن حيث تُقيم إيفون. وعندما توغّلتا صدفة في قلب "السبيكرز كورنر"، "هايد بارك"، تصادمتا مع الشابّ العربي هشام، لينتج من هذا العراك، مغامرة مثيرة، خطيرة، تعكس الغرابة التي اجتاحت مؤخّرًا المجتمع العربي هنا وهناك.
تتابع حنان الشيخ في روايتها "عذارى لندنستان" مسيرتها الروائيّة الجريئة والمميّزة كنحلة طليقة لا تتوقّف عن الحوم إلى أن تصل إلى الرحيق. إقرأ المزيد