بناء الشخصية في نثر أبي العلاء المعري
تاريخ النشر: 07/03/2014
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:خضع مفهوم الشخصية لدراسات عديدة: نفسية، واجتماعية، وأدبية، فحاولت تلك الدراسات أن تفسر ماهيتها وعلاقته بالمحيط. ولعل ما حظيت به الشخصية من أهمية مرده إلى أنها المحرك الرئيسي للأحداث، وبفعلها تتفاعل الشخصيات فتصور الواقع، وتوغر النفوس، وتتصارع وتتصافى، وتتأزم الأحداث، ويزدحم المكان بها فيؤنس، بل تعيش الزمان وتواكب مجرياته ...وتغيراته.
ومن الواضح أنّ دراسة الشخصية في النص التراثي تحمل بُعداً مختلفاً، إذ لكلّ زمن خصوصية، وقد أتاح نص المعري بتنوعه استكناه الشخصيات، فبدت متفاعلة مع الأحداث السائدة.
واقتصرت هذه الدراسة على تناول نصوص المعري الحكائية: أي التي بُنيت بناءً حكائياً من بُداءتها إلىة نهايتها: كرسالة الغفران، والصاهل والشاحج، والجزء الحكائي في رسالة الملائكة، وتعدت الدراسة هذه إلى نصوص اشتملت الحكاية في نص غير حكائي، ومن ذلك: رسالة الأخرسين، ومقتطفات من زجر النابح، ورسالة الهناء، ومقتطفات من القائف المستقاة من كتاب "إحكام صنعة الكلام" للكلاعي، والفصول والغايات، ورسالة التعزية للابن أبي الرجال، ومقتطفات من رسالة الشياطين، وقسم من الأخبار المعروضة في الردّ على ابن القارح في رسالة الغفران والخاص بالمدّعين والمرائين والزنادقة. وهكذا فقد استبعدت الدراسة في الرسائل غير الحكائية كالمنيح والإغريض والرسائل المتبادلة مع داعي الدعاة وغيرها من الرسائل، وقد عنيت الدراسة بتعريف عدد من الرسائل النثرية للمعري، تبعاً لصلتها بالموضوع؛ فالرسائل الحكائية قُدِّم لها في المتن، أما الرسائل الأخرى فقد عُرّف بها أحياناً في المتن أو الحاشية أو لم يعرّف لقلة أهمية ذلك.
وقد انفتحت هذه النصوص جميعاً على نماذج إنسانية في مختلف بُناها الفكرية والجسدية، كما أنها عبّرت عن طبيعة الحقبة التاريخية، فتنوعت ما بين شخصيات أدبية كما في رسالة الغفران، وقد ابتعدت الدراسة عن تسميتها بالشخصيات التراثية؛ ذلك أن ابن القارح-الشخصية المحورية-كان ما يزال حياً حينما كتب المعري رسالته في الردّ عليه، ولذلك اضطرت الدراسة إلى تسمية النوع الأول من الشخصيات بالشخصيات الأدبية.
وكذلك فصلت الدراسة الشخصية الرمزية عن الشخصية العجيبة؛ لأن الشخصية الرمزية تمثلت بالقصّ على لسان الحيوان، أما الشخصية العجيبة فهي المستمدة من العالم الآخر المرتبطة بالمأثور الذي نؤمن به، ويتمثل بالملائكة والجن والشياطين، واتخذ منها المعري نافذة لينعتق بها عن عالم الواقع القاسي شديد الوطأة.
أما غاية هذه الدراسة فتسعى إلى الإجابة عن السؤال الآتي: كيف بنى المعري شخصياته القصصيّة في الغفران والصاهل والشاحج والملائكة؟
وللإجابة عن هذا السؤال جاءت الدراسة في تميهد وبابين اشتمل الباب الأول على أربعة فصول، والباب الثاني على فصلين، وخاتمة. درس التمهيد مفهوم الشخصية في المعاجم القديمة والحديثة. ثم اشتملت الفصول الأربعة الأولى على نماذج الشخصيات في نثر المعري الحكائي. وتحدّث الباب الثاني في فصليه عن بناء الشخصية. أما الخاتمة فقد تضمنت أهم النتائج التي توصلت إلى الدراسة، إذ طمحت هذه الدراسة إلى إضافة في إماطة اللثام عن الشخصية في النص الحكائي المعري ضمن الجهود النقدية. إقرأ المزيد