تاريخ النشر: 25/04/2013
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:لعل الغاية الأولى التي تحققها السيرة الذاتية هي الغاية المزدوجة التي يؤديها كل عمل أدبي صحيح، ونعني بذلك تخفيف العبء عن الكاتب بنقل التجربة الى الآخرين، ودعوتهم إلى المشاركة فيها، فهي متنفس طلق للكاتب، يقص فيها قصة حياة جديرة بأن تستعاد وتقرأ.
مقام هذا المقال ما يكتشفه أي قارئ لـ ..."أرجوحة تعلو.. وتعلو" العمل القصصي الجديد للروائية الدكتورة بارعة النقشبندي الذي لا يمكن لنا الفصل بينه وبين السيرة الذاتية للكاتبة، لكن، ما يهم أي قارئ في النهاية هي الجودة التي تحلو بها النص وتأسيسه لحضور مبدعته والقضايا التي طرحتها بعمق، واقترابها لكل ما هو إنساني في حياة الناس. في مزيج روائي تختلط فيه عناصر اللذة بالألم، وتفوح من رائحة الاعترافات.
وفي "أرجوحة تعلو.. وتعلو" تعرض الدكتورة بارعة النقشبندي دونما تسلسل لقطات وجوانب متعددة من حياتها تستند خلالها إلى تقنية الاسترجاع والتذكر، فتقفز من ذكرى الى أخرى، وزمن إلى آخر، ومن مكان إلى آخر. تقول"... اكتشفت أن هناك لحظات جميلة غطاها الزمن، وأخرى تدق بعنف في الوجدان كأنها حدثت البارحة، فالروائح ما تزال في أنفها، ولكن الحياة تأخذنا فننسى من نحن. الذكريات لا تتلاشى ولا الحزن، ولكنه ينزوي في زاوية ونحن نقوم باسترجاعه...".
وفي الرواية تصطنع الكاتبة لروايتها راوياً واحداً يسرد بصيغة المتكلم الأحداث والوقائع، وهذا الراوي هو "روعة" التي بدأت تشعر "... بالوحدة وبدأت بجمع كل ما يخص كل واحد من أولادها من صور ورسائل، فسوف تردها لهم، كان جميلاً انتظار الرسائل، ووجودها الآن بعد أكثر من خمس وعشرين سنة أظنه ما سوف يفتقده الجيل الجديد، لا أظن أن البريد الإلكتروني له رائحة اليد على الورق الموجودة الآن. الحزن يغطي روحها، ربما بسبب الوداع وشعور الفراغ في داخلها.
مضت سنة على فكرة مشروع هذه الرواية، تذكرت كي كان الفرح والخفة والحماسة تسيطر عليها عندما بدأت هذا العمل. كل شيء في ذاكرتها أنها حياتها التي عاشتها، والشفافية هي ما تريد ولا يعني لها أن تجمل الأشياء والوقائع، كان خوفها أن تزعج أحباءها في قبورهم وأن تسيء الى مشاعر الأحياء منهم، لهذا لم يكن لهم أسماء في نصها. وجدت روعة نفسها بدون شعور تتحدث عن طفلة سوق ساروجة... وكذلك الجدة درية... والعمة الكبيرة لطفية وشخصيتها القوية المستقلة... والوالد الحاضر الغائب مثال على جيل كامل من الرجال...".
وبهذا تكون "أرجوحة تعلو.. وتعلو" عنوان مضلل لشذرات من سيرة ذاتية، استطاعت الكاتبة جمعها غير أنها أبقتها متناثرة في الرواية كما هي متناثرة في الحياة، ولعل الأهم في العمل الأدبي، هو كيف نقول لا ما نقول، وهو ما نجحت باحترافه الدكتورة بارعة النقشبندي. إقرأ المزيد