نحو مشروع وطني أردني (تحول الأردن من سلطة الى دولة)
(0)    
المرتبة: 141,236
تاريخ النشر: 01/01/2015
الناشر: دار الجنان للنشر والتوزيع
مدة التأمين: يتوفر عادة في غضون أسبوعين
نبذة نيل وفرات:يقول المؤلف في إستهلالية تعكس تصوره العام حول موضوعه المطروح: هذه الصفحات لا تحتوي وصفة سحرية ولا تتضمن تعليمات، وإنما هي مجرد تصور معرفي ينطلق جدلياً من الواقع ضمن معطيات التبادل بين الواقع المادي خارج الوعي، وبين العقل بالقدر اللازم لتجنب كافة صور الإسقاط المعرفي، متجنبين بذات الوقت إسقاط ...المعرفة نفسها من خلال تجاوز الزعم أنها بديل كامل ونهائي عن الأيديولوجيا، مستلهمين بهذا برهان غليون، ذلك أن المعرفة تتحول إلى إيديولوجيا كلما سعت للتحكم والحلول بدل الإيديولوجيا، لكون الوظائف التاريخية للإيديولوجيا لا تصلح المعرفة القيام بها؛ لا بالأصالة ولا بالوكالة، كما لا تصح الأدلجة أبداً للعب الدور التاريخي للمعرفة...
ويتابع قائلاً: إن فهم السابق كتأريض معرفي لا يعني البتة أن الكاتب محايد سياسياً، ليس فحسب؛ لأنني علمياً لا أعرف شيئاً يعرف عن التصوف المعرفي لإنعدام وجوده؛ وإنما أيضاً لإنعدام فكرة الحياد السياسي، ولعله من أبشع صور الإنحياز السياسي أن تعلن أنك محايد سياسياً ناهيك عن كوني قومي الهوى والمنبت والمآل، وهذا هو الجانب العقائدي الذي سير وفي السياق دلالياً كلما لزم معرفياً.
فالجانب العقائدي لن يخصص له مجاله كعقيدة سياسية وسلوكية بإعتبار أن المطروح مطروح على المستوى القطري (الأردن في الداخل)، غير أن ظهور أبعاد قومية فيما يساق سيغلب عليه الوظيفة المعرفية أكثر من الجانب العقائدي، وآية ذلك من الناحية المعرفية الصرفة؛ أن السياق العام للحراك القومي العربي هو منتج قومي وليس منتجاً قطرياً، وإنتاجه ضمن الأدوات القطرية إنما يعبر فقط عن ذاك الحجم من الخصوصية القطرية ذاتها...
فإذا كان الكمبرادور السياسي في القاهرة وطرابلس هو نفسه في عمان ودمشق؛ والحال كذلك، فإن زبائن النظام السياسي في كافة القطريات هم أنفسهم، وهذا ينطبق إستنساخاً على نمط الإنتاج في كافة القطريات هم أنفسهم، وهذا ينطبق إستنساخاً على نمط الإنتاج الكولونيالي وتحول أدوات الدولة من أدوات عامة لخدمة المجتمع إلى أدوات إنتاج خاصة بزبائن النظام السياسيين، وهذه الحالة البنيوية الموحدة للدولة القطرية هي ذاتها من أنتج وحدة الموقف تجاه فلسطين وتجاه المشروع الأمريكي في المنطقة وتجاه المشروع الفارسي والصهيوني.
وهذه الوحدوية البنائية والسياسية للدولة القطرية توحد المنطلقات الثورية لدى كافة الشعوب العربية تجاه الظلم والإفقار الممنهج والقمع الأمني؛ إلا أن الحفر في الذاكرة الفردية والجماعية للإنسان العربي هو من ينتج وحدة الحراك الثوري؛ فالحراك الثوري العربي وإن قدم وطرح وطلبيات إجتماعية وإقتصادية؛ إلا أن هذا غير متقطع عن الضغط النفسي الحضاري الذي يخضع له الإنسان العربي؛ بإعتباره في وعيه الذاتي ابن حضارة رائدة، وهناك إكراهات نفسية تجعله لحوحاً في طلب إسترجاع حضارته الكلية؛ فالمواطن العربي يفخر بما تكتبه الصحافة والفكر الغربي عن حراكه الثوري؛ وهذا يعني أن الجانب الحضاري الكلّي والتنافس الحضاري مع الأمم الأخرى بدأ يلعب دوره كمحور ثوري في سلوك المواطن العربي.
فالمكبوت الحضاري الذي يعيش بأريحية في اللاوعي والوعي الفردي والجماعي بنسب مغايرة تحرك ذاتياً في سياقه الطبيعي لمناصرة ثورة تونس وإستلهامها؛ بل إن الشعوب العربية لم تستحسن أن يكتب في التاريخ؛ إنها لم تعمل على تغير الذاكرة الأوروبية عن العرب فتحركت الثورة بكل مكان...
وأنا أزعم الذي ينكر دور الإستبطان السياسي في الصراع العربي الصهيوني كمحرك ثوري أتهمه بأكثر من الإنحراف المعرفي؛ ذلك أن عدم تحرير فلسطين ثم إحتلال العراق أدى إلى خلق عقدة نفسية لدى الإنسان العربي تجاه مركزه الحضاري الكوني، ولما كان سبب الفشل التاريخي في ذلك عائد كله للدولة القطرية فإنه من الطبيعي أن يتحرك الوعي الجمعي بإتجاه الخلاص من الدولة القطرية بصورتها السابقة، بإعتبارها عارّاً تاريخياً جلب الذل والعار والفقر والقمع على الأمة العربية...
يمضي الكاتب في عرضه للقانون الثوري وإستدراجاته في ظل واقع قائم على معطيات الدولة القطرية، ليضع القارئ في مواجهة واقع محدد للحراك الثوري العربي بذاته والذي يستلهم الروح الحضارية ويتحرك بإيحات مباشرة من الإستبطان الحضاري، مازجاً بين الإقتصادي والرمزي التاريخي؛ يقوم على عدم كفاية الإمكانات القطرية على إستيعاب تطلعات الحراك الثوري، لتصبح بذاتها (أي الدولة القطرية) نقيضاً ثورياً يجب إزالته لصالح الوحدة. إقرأ المزيد