الفلسفة الإلهية عند المعتزلة دراسة في فلسفة أبي القاسم الكعبي
(0)    
المرتبة: 56,903
تاريخ النشر: 21/06/2011
الناشر: دار المحجة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:المعتزلة اسم علم لامع لأوسع مدرسة فلسفية، وفقاً وتأثيراً وأصالة في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، قيل فيها الكثير، قديماً وحديثاً وتباينت أحكام الحاكمين بين منصف ومجحف، ومكثر ومتعتر، حتى أن محاولة الإحاطة بتلك الأحكام والآراء، ولكثرتها، تعد بمثابة نوع من العبث.
ويقول فيهم أحد خصومهم المنصفين: "هم أرباب الكلام وأصحاب ...الجدل والتمييز والنظر والإستنباط والحجج على من خالفهم، وأنواع الكلام، والمفرقون، بين علم السمع وعلم العقل، والمنصفون في مناظرة الخصوم".
ومن الملاحظ أن البحث في فلسفة المعتزلة هو ميدان بحث فلسفي لم يزل جديد عهد، وأن أرّخ لبواكير الإهتمام به من قبل المستشرقين، لما يزيد عن قرن من الزمان، إلا ان درجة ونوع الإهتمام وكثافته، لم تكن بالمقدار الذي يوازي أو يقرب من نسبة معقولة من حجم الإرث الفلسفي الضخم لهذه المدرسة، والتي عاشت لما يقرب من خمسة أو ستة قرون من الزمن، وفي أوج عصور الحضارة العربية الإسلامية إزدهاراً.
ويمكن القول بأن هذا الإرث، وخصوصاً بعد أن اكتشفت بعض كنوزه، من المصادر الأمهات لأفكار المعتزلة، أي موسوعة القاضي المعتزلي "المغني في أبواب التوحيد والعدل"، وجملة من مؤلفاته الأخرى، وكذلك كتب تلاميذه من المعتزلة البصر بين، مثل الفيسابوري والبخراني، وأبو الحسين البصري، وغيرهم، والتي نشرت في الستينيات من هذا القرن، كانت بمثابة حافز أو مهاز يستنهض هم الباحثين العرب لخدمة تراثهم العظيم، فخرج على أثر ذلك جيل جديد من الباحثين المجيدين في ترات وفلسفة المعتزلة، فأخرجوا دراسات علمية قيمة، وعلى عمق هذه الدراسات ورصانتها، فإنها تعتبر نقطة الشروع الصحيحة.
من هنا تأتي أهمية هذه الدراسة التي جاءت بمثابة رسالة قدمها الباحث لنيل درجة الدكتوراه في جامعة الكوفة، وجاءت حول أحد رجالات الفكر الإعتزالي بغية بيان فلسفة المعتزلة وإخراجها على وجهها الحقيقي المشرق، وبما يفيد في فهم هذه الفلسفة فهماً شاملاً وملماً بجميع أبعادها التقليدية والمبتكرة، وكذلك الإحاطة بالمرامي والمقصود التي وضعت تلك الفلسفة لخدمتها، من خلال البحث والدراسة لفلسفة أحد أكبر أعلام تلك المدرسة بفرعها البغدادي، وهو أبو القاسم الكعبي.
وقد رأى الباحث أن هذا الفيلسوف المعتزلي أبو القاسم الكعبي جدير بالدراسة الفلسفية المعمقة لما كان له من شأن مهم في تاريخ مدرسة الإعتزال بوصفه آخر الفلاسفة الكبار لهذه المدرسة بفرعها البغدادي، وعلى أهميته الكبرى على ما وضحه الباحث في رسالته هذه، إلا أنه قد عانى الإهمال شبه الكامل، فلم يدرس بصورة كلية أو جزئية، أو بصورة مستقلة كما حصل للنظام، والعلاف، والجبائيين، والقاضي المعتزلي وغيرهم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد عوّل الباحث في رسالته على المنهج التاريخي بصورة أساسية في الفصل الأول، وإن لم يخل من منهج التحليل والتركيب تماماً، أما الفصول اللاحقة، فكانت موزعة، وبصورة متداخلة بين منهج التحليل والتركيب، والمنهج التاريخي، والمنهج النقدي المقارن، مؤثراً مقارنة آراء الكعبي مع ما يماثلها أو يتقاطع معها من داخل مدرسة المعتزلة أو خارجها، وخصوصاً مع الأشاعرة، مستهلاً الدراسة بمقدمات تمهيدية ثم ستة فصول، تناول في الأول منها شخصية "أبي القاسم الكعبي" وسيرته الذاتية والفكرية ومكانته العلمية ومؤلفاته وتلاميذه.
وأما الفصل الثاني، فقد تم فيه التعرض لفلسفة "أبي القاسم الإلهية وما عرف في دوائر علم الكلام بــ"قليل الكلام" بالإضافة إلى البحث وبالتفصيل في الصفات الإلهية الذاتية منها والتعليمية ووجه الإبتكار الذي أضافه "الكعبي" لتراث المعتزلة في هذه القضية وخصوصاً في أهم مسألة من مسائل صفات الفعل الإلهي، وهي الإرادة بالإضافة إلى الصفات الأخرى.
وتمت في الفصل الثالث دراسة الفلسفة الطبيعية عند "أبي القاسم الكعبي" خاصة، أما الفصل الرابع تناول فيه الباحث نظرية المعرفة عند "أبي القاسم الكعبي" وعموم المعتزلة، مفصلاً فيه أقسام المعرفة ووسائلها، وتم تخصيص الفصل الخامس لدراسة فلسفة الأخلاق، أما الفصل السادس فقد دار حول الفلسفة السياسية ونظرية الإمامة بالإختصار على الآراء السياسية العامة لــ"أبي القاسم الكعبي" وبيان مواقف المعتزلة التوفيقية إزاء أغلب القضايا السياسية الكبرى. إقرأ المزيد