تاريخ النشر: 01/01/1996
الناشر: دار الشؤون الثقافية العامة
نبذة الناشر:على إحدى طبقات الأرض، وقبل أن تزار الطبيعة وتهيل التراب والصخور عليها، وكأنها ظلام أبدي تكدّس كالقدر، كان سنار يشهد من فوق تلّ الخمسة الذين كانوا يُسحلون تكبل معاصمهم سلسلة واحدة. كان يرى الهواء وقد تشبّع الشواء البشري فزكمت أنوف الطير التي ولّته هاربة نحو كبد السماء. كانو كلّ ما ...تبقى مما كان قبل عودة الجاموس والبطّ من قيلولتهما المائية ساعة الغسق، حين تبدّأت الشمس مما كان يحدث فغطست في الأفق ولم تشرق ثانية. أرعب الهدوء تلك الحيوانات التي إختفى رعاتها عنها، فدخلت القرية خلف أصواتها المذعورة المتضافرة مع بعضها، باحثة في السماء كما في الأرض عن أثرٍ لأهل. رأى سنّار جنديين يمسكان بطرفي السلسلة، يرتديان ثياباً من معدنٍ غريب، أو هكذا خُيل إليه، تغطي صدريها وبطنيها والأفخاذ، بينما بدت سيقانها يكسوها شعر أسود كثيف، يعتمران خوذتين من حجر مرصّع بحديد صدىء، فلم يظهر من رأسيهما إلا عيناهما المنتفختا الأجفان وشاربان ملأ ما تبقى من وجهيهما، رأى شلحان ودلموت وبيضار وخمناف وسركيس متهالكين على بعضهم، لا تكاد أقدامها الحافية تحملهم، سندهم الوحيد معاصمهم المعلّقة بحلقات مرتبطة بالسلسلة...
يفتح الروائي حكايته تلك بمشهد يأخذ بالقارئ إلى هناك - إلى عوالم ينسج تفاصيلها بخيال... وحروف أبجدية الإنسان الأول، مصوراً مسرح الأحداث بعبارات تتجاوز معانيها حدود المألوف.. حيث يطأ نظر القارئ أمكنة تحاط بالغموض... تتملكه رهبة.. ويشتد حين يتابع تلك التفاصيل التي يصنف فيها الروائي شخصيات حكايته.. ويعود القارئ بذاكرته إلى أفلام خيالية حول الإنسان البدائي.. متابعاً الأحداث.. ويلمح من خلالها ما كان يروى عنه في كتب التاريخ تستوقفه حال ذاك الإنسان، ليمضي مسرعاً متجاوزاً عقبات زمنه.. ودافعه رؤية القرون بين ذاك الإنسان وإنسان اليوم.. يقرأ سطور الأبجدية الأولى للإنسانية.. متوقفاً عند منعطفاتها ليرى أنه ما زال الإنسان في الكثير من أحواله محافظاً على حروف تلك الأبجدية الأولى.. إقرأ المزيد