تاريخ النشر: 01/01/1996
الناشر: المجمع العلمي
نبذة نيل وفرات:نشأ البحث البلاغي عند العرب بعد أن نزل القرآن الكريم، وامتدت دعوة الإسلام إلى بقاع العالم، وكانت نشأته تسير إلى جانب نشأة علوم اللغة العربية، ويتطور بتطورها عبر القرون.
ومن أهم الأسباب التي دفعت إلى هذا البحث اهتمام المسلمين بكتابهم العظيم، فقد وجدوا فيه غير ما ألقوه في كلام العرب ...ووجدوه معجزة كبرى تحدى الله تعالى به الإنس والجن على أن يأتوا بمثله، ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً، ولكي يبرهنوا على إعجازه ويفهموا آياته وأسلوبه ويستنبطوا الأحكام منه اتجهوا إلى البلاغة باحثين فنونها وموضحين أقسامها.
وكان هذا الغرض من أهم الأهداف التي دفعتهم إلى البحث والتأليف فيها؛ لأن الإنسان إذا أغفل علم العربية وأخلّ بمعرفة الفصاحة لم يقع علمه بإعجاز القرآن الكريم من جهة ما خصّه الله عزّ وجلّ من حسن التأليف وبراعة التركيب، وما شحنه من الإيجاز البديع والإختصار اللطيف، وضمّنه من الحلاوة وحلله من رونق الطلاوة مع سهولة كلمة وجزالتها وعذوبتها وسلاستها، إلى غير ذلك من محاسنه التي عجز الخلق عنها وتحيرت عقولهم فيها.
ويقف إلى جانب الغرض الديني دافعان آخران هما: الغرض التعليمي؛ أي تعليم الناشئة لغة القرآن الكريم ومعرفة أساليبها بعد أن اتصل العرب بأمم شتّى، وأدّى ذلك الإتصال إلى فساد اللغة ودخول اللحن فيها، ثم الغرض النقدي؛ أي تمييز الكلام الحسن من الردئ والموازنة بين القصائد والخطب والرسائل؛ ويتصل بهذا الغرض رواية الأدب ومعرفة الجيد الذي يُروى، والرديء الذي ينبغي أن يُطرح.
كانت هذه الأهداف: خدمة القرآن الكريم وتفسير إعجازه وتعليم اللغة العربية وإتقانها، وإنشاء الأدب ونقده - دافعاً قويّاً حفّز العرب للخوض في دراسة البلاغة والتأليف فيها، وكانت هذه الأهداف غرض المؤلفين جميعاً...
ولا يخلو كتاب من كتب البلاغة والإعجاز من الإشارة إليها، وقد تضافرت جهودٌ كثيرة على وضع أسس البلاغة وأصولها، ولذلك تعددت مصادر بحثها وتنوعت مناهج درسها، ومن أشهر الذين بحثوا فيها: علماء إعجاز القرآن الكريم، والمفسرون والأصوليون، واللغويون والنحاة، والشعراء والكتّاب، والفلاسفة والمتكلمون، والملخصون والشرّاح، وأصحاب البديعات.
وكانت كل طبقة من هؤلاء تتفق في كثير من الأسس وتلتقي في أهداف واضحة المعالم؛ وإن كان رجالها يختلفون في قصورهم للبحث البلاغي أحياناً.
ضمن هذه المقاربات يأتي هذا الكتاب في البلاغة والنقد الذي يضم بحوثاً بلاغية فيما شمل ما كتبه الباحث عن مصادر البحث البلاغي، والفصاحة عند الجاحظ، والأساليب البلاغية، والفنون البلاغية، وأثر الحديث في البلاغة، وأثر المدائح النبوية في البلاغة، وأثر البلاغة العربية في البلاغة الفارسية، والبلاغة بين المنطق والتذوق، وأثر القرآن في البلاغة، وبديع القرآن، والبلاغة عند السيوطي، مشيراً بأنما أريد بهذه البحوث أن تُظْهر بعض جوانب البلاغة العربية التي أصابها الحيف من تنكر والأصالة أمتهم منكرين أهميتها في التعبير والتصوير، واندفعوا وراء بعض الإتجاهات التي لا تخدم اللغة ولا تقوّم الأساليب، ناسين أن البلاغة روح اللغة وأنها السبيل المفضي إلى الأدب الرائع والنقد القويم. إقرأ المزيد