الخطاب الشعري العاشق والإبداع (دراسة في شعر عبد العزيز محيي الدين خوجة)
(0)    
المرتبة: 331,738
تاريخ النشر: 29/04/2008
الناشر: النخبة للتأليف والترجمة والنشر
نبذة نيل وفرات:يشكل هذا الكتاب مساهمة في تقديم قراءة في الشعر العربي المعاصر، ضمن القراءات المتعددة التي قدمها الباحثون للتجربة العربية الحديثة أو المعاصرة، وضمن القراءات المتعددة للنص الواحد. فالعمل الإبداعي محتمل أن يقرأ من أوجه متعددة، مهما تغيرت ظروفه وزمن كتابته. وللقراء مقاييسهم وأذواقهم المتباينة، إلا أن كل الأذواق تلتف ...في نظري حول نقطة واحدة وهي: قدرة القصيدة على التأثير في المتلقي، وإرغامه على تجاوز الواقع بالسفر في معاني القصيدة التي تجعلك تقرأ العالم وتمتلكه، وتفجر العديد من الأسئلة بين عالم (الشعر) وعالم (الشاعر) رغبة في البحث عن السر الذي يجعل الشاعر يتجاوز حدود الإنسان العادي، وعن السر الذي يجعلنا نهتز خشوعاً في حضرة الشعر، وعدم قدرتنا عن الانفصال عن هذه اللغة الكونية، لأن لغة الشعر هي لغة الكون، وتفكيكنا لهذه اللغة هو تفكيك للغة الكون وحكمة الوجود. لكن إذا كان الشعر هو عالم الخلق، فكيف يمكن في قصيدة واحدة، أو بالأحرى في بيت شعري واحد أن نخلق عالماً وننشئ كوناً مستقلاً بذاته؟ هو ذا السؤال الذي يمكن أن تجترحه كل قراءة للشعر. وقد تم اختار شعر عبد العزيز محيي الدين خوجة، لما تثيره نصوصه الشعرية من أسئلة النص الشعري، في علاقتها بمفاهيم الحركة الشعرية المعاصرة. فشعره يتيح لنا التوغل في عمق القصيدة التي تجعل كل شيء في الكون يتحرك اسم الشعر. هكذا تتراءى القصيدة لقارئ الشعر ومتلقيه. فهي مسكن الكون وزمانه، وهي احتفاء بالحلم والحقيقة، والخيال والجمال، حتى أني لو سئلت عن أعظم الفنون في هذا العالم لقلت "الشعر"، لأنه هو وحده القادر على خلق الجمال الرائع. لهذا أحب الناس جميعاً الشعر، بل من منا من لم يستهوه قول الشعر في مرحلة من مراحل العمر، ومن منا لم يطرب لسماعه ويتمعن في معانيه الجميلة والخالدة.
إن ديوان عبد العزيز محيي الدين خوجة يطرح على قارئ الشعر خاصة جملة من الأسئلة أو المسائل، أخص منها بالذكر: هل التصوف ذريعة للقصيدة عند الشاعر، أم القصيدة ذريعة للتصوف؟، موهبة الإبداع في اتصالها بالمفاهيم والتصورات السائدة حول القصيدة العربية المعاصرة والشعر العربي بصفة عامة. مدى إحساس الشاعر وهو في حضرة الشعر بلذة تمثل جسد النص الشعري، وبهاء كتابة القصيدة.
ولعل السمة البارزة والمميزة لخصوصية هذا الديوان تتجلى في المناخ التصوفي المهيمن على معظم النصوص الشعرية. وهذه الخصوصية تتمثل في هيمنة الخطاب الصوفي بطقوسه، واصطلاحاته ومرجعياته الدينية والفلسفية والفكرية والثقافية، وهي مفاهيم جاءت لتعبر عما يختلج الذات الشاعرة من مشاعر عميقة. فما يميز الخطاب الصوفي عند الشاعر هو أنه خطاب داخلي، وليس قناعاً خارجياً كما نجد في معظم دواوين الشعراء المعاصرين في المغرب والمشرق.
إن عشق الكتابة عند الشاعر، كما توضح النصوص الشعرية للديوان، عشق فريد من نوعه. فهو ليس عشقاً عادياً، بل عشق الصوفي الذي يرى في الكتابة جزءاً من وجوده وتجربته الذاتية، لدرجة أنني تساءلت، وأنا أتصفح نصوصه الشعرية، هل يمكن فصل الشعر عن روح التصوف؟ وهل يمكن أن يكون تصوف دون شعر؟
إن في لقاء الصوفي بالشعري اكتشاف لمتاه معرفي، وفتح لآفاق جديدة في التأويل. وشعر عبد العزيز محيي الدين خوجة يدور في معظمه حول المعاني الصوفية، فهي كتابة متميزة تستمد جماليتها من ثورة الوجدان وشساعة الرؤيا ودفق الخيال. وما تسعى إليه هذه الدراية هو الوقوف على خصوصية الإبداع والخطاب الصوفي عند الشاعر. وما توصلنا إليه من تأويل ليس إلا احتمالاً من ضمن احتمالات أخرى ممكنة. إقرأ المزيد