تاريخ النشر: 29/03/2008
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:"من بين أشعة الشمس التي توسطت السماء، تبدو ذرات الغبار من الصفر، وكأن الصحراء تلبست كل الكائنات الإسمنتية المبنية لتحيها. تقذف السعير من أسفل الأرض ليصبح المشي فوق الرمال رحلة عذاب تشق كل ما تلمسه. جفاف هذه اللحظات مسكون بجلودهم، متكئ على أحلامهم وساعات القيلولة، التي يهربون إليها رغم ...المكيفات التي لا تفتأ تصب ضجيجها المسكر فوق رؤوسهم. العرق يتصبب من وجه أم فاطمة، من زنديها وخلف ظهرها، تتناساه بعمل المسقعة التي يحبها زوجها كثيراً. الحب هو الحالة الوحيدة القادرة على تحدي هذا الغضب الصحراوي. تمسح العرق عن جبينها بياقة قميصها القطني. تتابع تقطيع الطماطم والبصل، وقلي الباذنجان. تفتح النافذة قليلاً لتهوية المكان فيلسعها هجير الشمس. تتأمل الظل المنكسر على زقاق الشارع الخلفي، تتوقف يداها عن العمل، مسحورة بقوى الصحراء، بحرارة الصمت يكسره اصطدام التراب على وجهها الأسمر. تسرح: (الرواشين الخشبية المزخرفة بعناية، يدخل منها ضوء العصر منعكساً على الصالة الدائرية، ووجه أمي وهي تطالبني وأخواتي بغسل كل شيء، لأن زواراً مهمين سيأتين لبيتنا مساءً. التحف النحاسية. قناني الماء المبخرة بالمستكة واللبان. الكرويتات والطاولات الدائرية المزينة بمفارش بيضاء مطرزة. كل شيء يبدو مصطبغاً بحمرة لذيذة. أرتدي فستان العيد الأخضر قبل أوانه بناءً على أوامر أمي، أتأمله في المرآة مزموماً عند خصري، ضيقاً على صدري بفتحة دائرية تظهر نحري وجزءاً من صدري. درت فدخل الهواء بين طياته واتسع، فضحكت. دخلت أمي. تمسح دمعة غريبة انزلقت على أنفها الأفطس، وقالت وهي تربت على كتفي: لقد كبرت، والبنت عندما تكبر ليس لها إلا بيت زوجها. للحظة لم أستوعب الكلمات، ثم فهمت. سأرحل عن بيتنا قريباً، سأغادره مع رجل لا أعرفه. أخافني حدسي، وبكيت".
تظل الأنثى ذاك الكائن الذي عليه مواجهة مجتمع ينوء بعاداته التي تشكل عبئاً ثقيلاً على كاهلها تنوء به في جميع مراحل حياتها. تحاول الروائية تصوير ذلك من خلال شخصية فوزية التي تواجه غدر زوجها وخيانته. وتشترك في بناء المناخ الروائي شخصيات عدة تخلق أحداثاً مسرحها الرياض، وأماكن متناثرة وبيوت عديدة مغلقة وأسرار مفرقة تكشف عنها الكاتبة في محاولة لتحديد الأمراض الاجتماعية التي ينوء بها ذاك المجتمع.نبذة الناشر:المدينة تغالب نعاسها وتغني، تستيقظ فيها الحياة صباحاً، ترقص مع اندفاع السيارات رقصة آلية، بينما يغط البحر خلف المباني المتراصة مثل تنين نائم.
وفي العمارة، التي استحال بياضها إلى رماد، تحركت الشرفات مع حبل الغسيل الممتد على شرفات طوابقها السبع، تزهر بألوام مختلفة، ما زالت الشرفة في الطابق السادس تستعد للون الزهر الذي تنفضه غيداء بقوة وكأ،ها تنفض كل ذكرياتها الليلة معه. تعيد عصره، وبعد أن تنتهي من تعريض قماشه الحريري المخرم لهواء الشارع، الذي بدا اليوم أكثر رشاقة، تبتسم للشارع ثم تعود داخل الشقة.
قرب باب دورة المياه ترمي سلة الملابس، وتركض نحو حجرتها مسرعة. تتعثر بالطاولة الزجاجية الملاصقة للجهة اليمنة من حجرتها. تصرخ وهي تمشي. تفرك مكان الألم على فخذها، تدفع الباب وتتجه نحو التسريحة لاهثة، تضع حمرة لامعة فوق شفتيها وبعض أحمر خدود على وجنتيها. تتذكر شيئاً فتعود أدراجها باتجاه المطبخ على يسار الممر المؤدي للخارج. تغلق النار عن إبرايق الحليب الذي فاض على الفرن وتلون بسرعة بلون بني داكن. تهرول عائدة إلى حجرتها فتسمع أمها تناديها. نعم ماما.. إقرأ المزيد