المستبد ؛ صناعة قائد - صناعة شعب
(0)    
المرتبة: 125,135
تاريخ النشر: 01/12/2006
الناشر: معهد الدراسات الاستراتيجية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:هذا كتاب خاص، بحرفية التعبير، وبمجازيته أيضاً. وهو خاص لأسباب عدة, فالكتاب محاولة لرؤية ما لا يرى: التنقيب في حقبة البعث التوتاليتارية وهي في عز جبروتها، وذروة هوسها بالتكتم والأسرار. والكتاب خاص، بالمعنى المعرفي: فهو يتجاوز منطق تعذر تحليل المعلومات في بلد ترتعد فرائص الدولة فيه من أي تداول ...للأخبار، ومن أي افتضاح لبواطنها الملغزة، ناهيك عن عسر التحليل بوسائل الملاحظة الروائية.
والكتاب، خاص أيضاً، بالمعنى الوجودي: إذ كيف يتأتى للفرد المعزول أن يقف قبالة اللوياثان، الكائن الفاتك، كلي الجبروت، كلي القدرة، كلي الحضور، المسمى دولة شمولية.
إن مجرد التفكير بالكتابة عن الدولة الشمولية، قبل انهيارها، كان يتطلب قدراً من الجرأة، أو مقادير من العبط لتوطين تلك اللامبالاة الباردة العواقب: الملاحقة بكواتم الصوت، أو سم الثاليون، أو أخذ الأهل رهائن. إن مجرد التفكير بالكتابة عن الدولة البعثية، وقتذاك، كان يتطلب أيضاً بحثاً دؤوباً عن التفاصيل في دولة تمنع تداول المعلومات، وتسد أبواب البحث، ولا تسمح بالإحصاءات.
والكتاب محاولة جريئة: تنقيب في سوسيولوجيا السلطة بمعول روائي وعين أديب. ولعل هذا يشبه في عرف البعض، القنص بالقوس والنشاب بالتنافس مع بنادق مجهزة بأحدث ناظور رصد.
وبالعودة لمتن الكتاب نجده يقدم للقارئ صورة باطنية عن النظام البعثي الشمولي، ويفكك، بواقعية، القول الإيديولوجي ليرى إلى ما يخفيه هذا القول من وقائع. فالمقارنة، دوماً، لا تجري بين فكرة وفكرة، بل بين فكرة وواقع. أي إن تحليل المعنى يجري في مغطس الحياة، حتى وإن كانت هذه الأخيرة تبدو، من موشور ما بعد الحداثة، نصاً ينتج نصاً في تواشج متصل.
يقدم الكتاب لجيل الشباب الذي لم يعش أهوال نشوء الدولة البعثية الشمولية أيام صعودها، أي فترة عزها ومجدها، الكثير من الزاد للتفكير في هذا الذي سبقهم وذاق الذي ذاقوه مرة أو مرتين. ففي تلك الأيام غير السعيدة، كانت الدولة التوتاليتارية قادرة على محق جيل كامل من المعترضين، وإلغائهم من خريطة الوجود. وسيجد جيل الشباب اللاحق الذي عاش أهوال فترة نكوص الدولة البعثية، بما في ذلك انهيار النسيج المدني، والمعرفي، أن هناك الكثير من المشتركات بين الجيلين.
وبهذا المعنى، يمكن للكتاب أن يكون جسر تواصل بين جيل الكهول الذي تجرأ على الزعيق بوجه غول الدولة المترعة بعوائد النفط، وعانى من أوجاع صعودها، وجيل الشباب الذي تحمل آلام انحلال الدولة، ودفع ثمن ذلك بالدم والدموع، من دون أن ينعم الاثنان بمسرات الآتي. إقرأ المزيد