المجتمع المدني من اليونان حتى القرن العشرين
(0)    
المرتبة: 51,099
تاريخ النشر: 01/06/2007
الناشر: معهد الدراسات الاستراتيجية
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:يدرس هذا الكتاب التطور التاريخي، والسياسي، والنظري للطريقة التي صيغت بها نظريات المجتمع المدني خلال ألفين وخمسمائة عام من مسيرة الفكر السياسي الغربي. وبتعبير عام، ثمة ثلاثة متون فكرية وسمت تطوره، رغم أن هناك عمليات تهجين خصبت دائماً كل تراث من هذه الثلاثة. لقد توجه الفكر الكلاسيكي والقروسطي نحو ...المقولات التحليلية الواسعة، لهذا فإنه ساوى بين المجتمع المدني والجماعات المنظمة سياسياً (الكومنولث). وساء أكان المصدر النهائي لشرعيته دينياً أم دنيوياً، فإن المجتمع المدني جعل من قيام الحضارة أمراً ممكناً، لأن الناس عاشوا في تجمعات محكومة بالقانون ومحمية من سلطة الدولة القسرية. فشكلت هذه المفاهيم الطريقة التي فهم بها المجتمع المدني لقرون عديدة. وحينما بدأت قوى الحداثة بتقويض الاقتصاديات الضمنية والمعرفة الكلية التي سادت العصور الوسطى، أدى التشكيل التدريجي للأسواق القومية والدول القومية إلى نشوء تراث ثان أخذ يصوغ مفهوماً جديداً عن المجتمع المدني، بوصفه حضارة ممكنة نشأت بفضل المصلحة الفردية، والمنافسة، والحاجة. ويرى بعض المفكرين أن عصر التنوير أطلق فرصاً غير مسبوقة للحرية في عالم دنيوي يشمل التجارة، والعلم، والثقافة. بينما يرى بعضهم الآخر أن ما يتسم به المجتمع المدني من اضطراب، ولا مساواة، وصراع، قد أحبط إمكانية التحرر فيه، واستدعى قدراً من الرقابة العامة. ومع ذلك، كان الواضح، كيفما تم تصور المجتمع المدني، أن العالم لم يعد بالإمكان فهمه كنظام من جماعات سياسية متماسكة. لقد تطور المجتمع المدني بالترادف مع نزعات تمركز الدولة الحديثة وتسويتها، فجاء متن فكري ثالث مؤثر يصوغ المجتمع المدني كميدان مألوف للروابط الوسيطة يسهم في الحرية، ويحد من سلطة المؤسسات المركزية.
يتناول الفصل الأول أصول المجتمع المدني التي يمكن العصور عليها في الموروث الكلاسيكي الذي فهم هذا المجتمع بوصفه جماعة منظمة سياسياً (كومنولث). و"التمدن" الذي نظر في الهيمنة العامة للمقولات السياسية، وصف متطلبات المواطنة أكثر مما وصف المشاعر الفردية الخاصة أو طرق السلوك الحسنة. إن نزوع أفلاطون إلى الحديث عن مركز أخلاقي ثابت للحياة العامة قاد محاولته لتوحيد العناصر المتنافرة، وحفز تلميذه الأعظم (أرسطو) على توجيه نقد قوي لأستاذه.
ثم جاءت المسيحية لتقدم المقولات المركزية للحياة والنظرية السياستيين، على امتداد القسم الأكبر من الألفية الأولى، ابتداءً من النقد الأوغسطيني المدمر الذي وجهه لكفاح العصر الكلاسيمي المغرور، من أجل الاعتماد على الذات. يتعقب الفصل الثاني طريقة خضوع تصورات الحياة السياسية الدنيوية للنظريات المسيحية عن المجتمع المدني، تلك النظريات التي نظمت حول حالة السقوط التي ترسف بها الإنسانية وفسادها، وتبعيتها وتراتبيتها، وانكار هذه النظريات لقدرة الفعل الخلقي على توجيه أعمال البشر. وبقدر ما كانت هذه الإدانة الشاملة للإرث الكلاسيكي قوية، فإنها دخلت في صراع مع متطلبات الكنيسة التي كانت تشق طريقها في العالم.
ويتعقب الفصل الثالث الانتقال التدريجي إلى التصورين الحديثين عن المجتمع المدني. فالأنظمة الملكية المركزية حفزت ظهور نظريات حديثة متميزة حول السلطة، والشرعية، والسيادة.
يبدأ الفصل الرابع بفهم جون لوك للمجتمع المدني الذي مؤاده أن المجتمع المدني الذي تشكله الملكية، والإنتاج، والاكتساب يستلزم دولة يحكمها القانون لحفظ النظام وحماية الحرية. فالمجتمع المدني يعني إمكانية عيش الناس ضمن شروط الحرية السياسية والنشاط الاقتصادي. أما آدم فيرغسون فكان قلقاً من التفسخ والشقاق اللذين يتسبب بهما السعي التنافسي وراء المصلحة الذاتية، فحاول وضع الشعور الأخلاقي الفطري في قلب المجتمع المدني. وكان آدم سميث قد شارك فيرغسون إدراكه للفساد الذي تتسبب به التجارة، ولكنه كان أول من أفصح عن المعنى البرجوازي المتميز الأول الذي يقول إن المجتمع المدني ميدان للإنتاج والتنافس ينظمه السوق وتسوقه الصراعات الخاصة للمالكين المنكبين على مصالحهم الذاتية.
يقتفي الفصل الخامس الدلالات الضمنية لهذا التصور الحديث الأول. إن تفريق عمانوئيل كانط بين الجوهر والمظهر قاده إلى عدّ المجتمع المدني ميداناً محمياً يمكّن الناس من اتخاذ قراراتهم ضمن شروط الحرية. فالميدان العام الحر، والعدالة، والإجراءات المطبقة بالتساوي، والحريات المدنية الواسعة، والمؤسسات الجمهورية الشرعية تؤسس "الجمهورية"، وتدفع السعي وراء المصالح الفردية نحو الصالح العام. بيد أن أخلاقيات كانط لم تجد لها مرجعية تجريبية، فأدى نقد هيغل لمفهوم "الانطواء على الذات" لدى كانط، أدى به إلى التنظير لثلاث لحظات أخلاقية: العائلة، والمجتمع المدني، والدولة.
يبين الفصل السادس كيف أن الفرع الرئيس الثاني من النظرية الحديثة أفضى إلى اتجاه مختلف. فهو صاغ تصوره عن المجتمع المدني في ضوء أوضاع فرنسا، حيث حفّز تراث الأنظمة الملكية المركزية والدولة القوية أفكاراً عن الجماعة والتنظيم الوسيط. واستناداً إلى مفهوم أرسطو عن الدساتير المختلطة، ورغبة في حماية التقاليد المحلية للامتيازات الأرستقراطية من السلطة المركزية، وضع البارون دي مونتسكيو الهيئات الوسيطة في صميم النظريات الجمهورية عن المجتمع المدني. أما جان جاك روسو فقد شنّ هجوماً رومانسياً على مفاهيم عصر التنوير عن التقدم، والفنون، والعلوم، ولكنه لم يكن راغباً في الدفاع عن الامتيازات الموروثة. فهو يرى أن المجتمع المدني كان جماعة يوفق تضامنها بين ذاتية المصالح الفردية وموضوعية الصالح العام.
يفحص الفصل السابع كيفية التنظير للمجتمع المدني في الخطاب السياسي المعاصر عبر التركيز على تجربة أوروبا الشرقية. لقد تشكل المسار التاريخي لشيوعية القرن العشرين عبر الثورات التي حدثت في المجتمعات المختلفة. وبيد أن استراتيجية التصنيع التي تقودها الدولة والمبنية على أساس احتياجات الفولاذ، تستلزم "دوراً قيادياً" من حزب عالي التنظيم. فدول الحزب البيروقراطية، التي تحتضن "الاشتراكية القائمة"، لم يكن لها أبداً سجل معقول من المسؤولية الديمقراطية، ولم تكن قادرة على القبول بمستويات ذات بال من النشاط الحرّ، بسبب التزامها التخطيط المركزي، وارتيابها بالسوق، وحذرها من البادرات الاجتماعية العفوية.
إن القيود الدستورية على سلطة الدولة في الولايات المتحدة سحرت المنشقين الأوروبيين الشرقيين بشدة، ويعرض الفصل الثامن التسلسل الزمني لنمو النظرية التوكفيلية الجديدة المسيطرة على المثقفين الأميركيين والتي تفيد أن المجتمع المدني يقيم مجموعة من المعايير غير الرسمية لدعم التجمعات المحلية الوسيطة.
ويثير الفصل التاسع بعضاً من هذه المسائل، ويقترح أن النزعة المحلية ربما لا تكون كل ما يجب إكماله، بسبب أن المستويات العليا من اللامساواة الاقتصادية وضعت افتراضات توكفيل موضع تساؤل. وثمة أساس قدمه عمل دشّن طريقاً جديداً، وقام به كلّ من غرانت ماككونيل وجين ماسنبرج وسدني فيربا ورفاقه، يرى أن التنظيمات الوسيطة التي تلاقي الاستحسان الكبير لا تستطيع أن توفر ثمرة الديمقراطية التي تنادي به النظرية المعاصرة. وهناك قسم من العمل النظري والتجريبي البالغ التأثير يوحي بأن المجتمع المدني هو مقولة تمّ التنظير لها دون المستوى المطلوب وبشكل سيئ؛ لأنها لا تستطيع أن تفسر بعضاً من تطورات الحياة المعاصرة.نبذة الناشر:يتناول هذا الكتاب التطور التاريخي والسياسي والفلسفي لمفهوم المجتمع المدني، والتبدلات التي طرأت على صياغة هذا المفهوم خلال ألفين وخمسمائة عام من مسيرة الفكر السياسي الغربي، بدءاً من الأصول اليونانية الكلاسيكية مروراً بالفكر القروسطي وانتهاءً بالحداثة الحالية. إقرأ المزيد