السياسة والحكم ؛ القوة والعقل بين الخوف والمجهول
(0)    
المرتبة: 438,696
تاريخ النشر: 01/12/2006
الناشر: رياض الريس للكتب والنشر
نبذة نيل وفرات:في عالم السياسة هناك مفاهيم متناقضة وأحياناً متنافرة ومتعارضة حتى المواجهة العنيفة وهذا يعود إلى ما يشاع من خطط حول المفاهيم السياسية، إذ يعتقد الكثيرون أنها كذب وخداع وأن الذي ينظر غليها بمثل متقدمة يخسر مسبقاً جميع معاركه إذا لم يكن جميع قضاياه. حاول أرسطو أن يقيم جسراً بين ...الأخلاق والسياسة غير أن ماكيافيللي سعى إلى إزالة هذا الجسر. وأدخل الاستعمار الإنكليزي مفهوماً خاصاً وتعريفاً للسياسة بأنه لا توجد سياسة ثابتة بمعنى علاقات تحالفية دائمة وإنما توجد مصالح ثابتة ودائمة. وعارض الكثيرون من السياسيين المثاليين هذا التعريف وإن كان ليس هنا ثمة عداء ثابت مجاني أو صداقة دائمة مجانية إما هناك ثمة أيضاً ديموقراطية هي التي تحدد العلاقات وتحسم الأمور.
وأشار أصحاب المدرسة الواقعية في السياسة إلى أن حقائق السياسة لا يصنعها الحنين ولا يأتي بها الوهم إنما هي حصية تفاعل مستمر بين الحقائق المادية الملموسة وبين الحقائق المعنوية المحسوسة، وهذه تشكل المجموعة الأساسية للمفاهيم السياسية. فالسياسة إذاً تفرض وقبل كل شيء الحوار بكل أبعاده وبمفاهيمه المتعددة وذلك بأسلوب هادئ وبشكل سلمي وعاقل بهدف إقناع الآخرين بوجهة نظرنا خصوصاً أننا نعيش في عصر الفاكس والانترنت والخلوي.
في عالم السياسة الكلمة هي الوسيلة الأمضى، خاصة إذا استخدمت بذكاء هادف يمكنها تحقيق إنجازات كثيرة وكبيرة. وإذا ما توسع الكلام وانتشر فمن شأنه أن يؤدي إلى إقامة إجماع عام أو بالأحرى شبه إجماع. وقد تكون الكلمة هي المدخل لإثراء شعب وأمة ووطن. ولكن عندما توظف الكلمة بدون مفاهيم واضحة وسليمة يمكنها أن تقضي على جماعة وحتى على حكومة وحزب وربما أكثر. وفي السياسة نقنع الآخرين أو نقتنع من الآخرين بحيث نتحول مع الغير إلى قوة متماسكة متفاهمة، وهذا ما يجعلنا ندعو إلى ممارسة السياسة كـ"فن الممكن" وليس كما هو شائع كأداة كذب للتهرب من المسؤولية أو إضعاف خصومنا.
إن مأساة لبنان أننا لا نسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية ودائماً نغرق في الأمور الصغيرة ولا نتطلع إلى الكبيرة، فنستفرض في قوافه الأشياء ولا نحاول الاقتراب من القضايا الجوهرية لأننا مع السهل والسريع مهما كانت خطورته أو سلبياته. إننا في لبنان ننسى أننا واقفون على أرض متحركة، قد تندفع إلى الوراء وليس إلى الأمام. هذا ما يجعلنا نعيش القلق والتوتر ونسترسل في الجهل. هذه التصرفات تبعث على الأسى والحزن وعلينا أن ندرك أن السياسية هي مبادئ وقيم وليست كذباً ورياء. وأن المبادئ الأخلاقية هي التي تشكل مرتكزاً أساسياً للممارسة السياسية في إطارها الصحيح. تلك هي فلسفة السياسي اللبناني محسن دلول في السياسة والحكم، بل هي جزء في فلسفته السياسية التي يطرحها على بساط البحث وذلك على ضوء تجربته السياسية ومن خلال موقعه كسياسي لبناني كانت له مراكزه السياسية المتعددة في الحكم. وباعثه إلى تسجيل هذه التجربة السياسية كما الرؤى، الازمة الحقيقية التي يعيشها لبنان بين سلطة ضائعة تعيش بالشعارات عاجزة عن الولوج إلى مضامينها لأنها كما يقول مفلسة في شتى الميادين، ومعارضة، أيضاً كما يقول، تفتش كيف نضع يدها على السلطة، وتعيش أوهام البرامج المتقطعة دون أن تكلف نفسها البحث الجدي من الحلول الناجحة حتى تحولت إلى هياكل محيرة وبين هذه وتلك مجتمع، مع أنه حيوي ومتحرك، فهو متطلب ولكنه في الحالة اللبنانية لا يتوجه إلى حيث يجب حتى تحول إلى حالة مرضية مزمنة. أزاء هذا الواقع رأى السياسي محسن دلول أن عليه العودة واستذكار رحلته التي هي على الرغم من تشعبها وصعوبتها، فهو يقرّ بروعتها أحياناً، يترك قلمه لنيساق، قاصاً من خلاله محن الحياة السياسية. ضمن هذه الصفحات التي يعتبرها أنها برسم الحقيقة وجهة نظره في محن السياسة ومفاهيمها إنها محاولة في زمن ضاعت فيه معاني القيم وتبعثرت معالم الواقع وسادت مفاهيم لا علاقة لها بالوطن ولا بالمجتمع. إقرأ المزيد