تاريخ النشر: 01/01/2018
الناشر: دار الملاك للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:كيف يمكن فهم القرآن الكريم، وهل ثمة أسلوب خاص به يميزه بحيث لا يمكن مقاربته بدون إستيعابه؟ وهل أن القرآن الكريم مستغلق اللغة والمفاهيم بحيث يحتاج إلى أهل خبرة وإختصاص لجلاء معانيه وسبر أغواره، أم هو كتاب موضوع للناس كافة، بحيث يمكن لكل إنسان أن يقاربه وفق قدراته وإمكاناته ...الثقافية، فيرى فيه العامة والعلماء كلٌّ تطلعاته الخاصة بهم، ومن ثمّ ما هي قصة المحكم والمتشابه والظاهر والباطن وغيرها من المصطلحات ذات الإرتباط الوثيق بمقاربة القرآن الكريم قراءة وتفسيراً.
هذه أسئلة طرحها العلامة حسين فضل الله من منطلق أن الكثيرين قد توقفوا عنها في حركة التفسير، مثيرة لديهم الكثير من الجدل حتى خيل للبعض أن القرآن الكريم كتاب رمزي لا تعلمه إلا الفئة التي جعل الله تعالى لها الميزة في فهم وحيه، منكرين حجية ظواهره إلا بالرجوع إلى أئمة أهل البيت، وانطلق البعض ليتحدث عن تعدد المعاني للكلمة الواحدة بطريقة عرضية أو طولية، وإستفاد آخرون من الروايات أن القرآن ا لكريم في مجمل آياته، حديث عن أهل البيت عليهم السلام بطريقة سلبية، ليبقى للأحكام وللقضايا العامة وللقصص المتنوعة مقداراً معيناً.
وهكذا كان التصور العام للقرآن الكريم خاضعاً للأجواء الخاصة التي تبعد به عن أن يكون الكتاب المبين الذي أنزله الله تعالى على الناس ليكون حجة عليهم، من خلال آياته الواضحة التي تمنحهم الوعي الفكري والروحي والشرعي، على أساس ما يفهمونه منها بحسب القواعد التي تركز الطريقة العامة للفهم العام.
من هنا، رأى العلامة محمد حسين فضل الله ضرورة جلاء هذه المسألة المهمة في الفكر الإسلامي، لأن أية مسألة تتصل بطبيعة القرآن الكريم وسلامته، من الزيادة والنقصان، وطريقة فهمه، ودوره الأصيل في إستلهام وهي الله، وهي على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة في وعي الإسلام؛ لأن القرآن الكريم هو القاعدة الإسلامية الأساس للمفاهيم، والأحكام، والمناهج، والوسائل والغايات، الأمر الذي يجعل من الإرتباك والإنحراف والغموض في فهمه، مسألة سلبية تنحسب على ذلك كله.
وضمن هذه المناخات يأتي هذا العمل للعلامة فضل الله الذي هو على درجة كبيرة من الأهمية من حيث موضوعه أولاً ومن حيث المؤلف ثانياً، إذ لا يخفى على القاصي والداني ما للعلاّمة فضل الله من فكر مستنير ورأي منفتح على جميع الأصعدة.
وهو قد حاول في هذا التفسير أن يعيش في عقله وقلبه وحياته، في فهم آياته، وإستيحاء أفكاره، وتحريكه في كل المسيرة الإسلامية الصاعدة إلى كل الآفاق الباحثة عن الله تعالى في كل مواقع عظمته، وإمتدادات نعمه، وأسرار أحكامه، وفي الخط المستقيم المنفتح على كل حركة السعادة في الإنسان.
وقد رأى من الضرورة بمكان إستيحاء القرآن الكريم في ذلك كله على مستوى النظرية والتطبيق، للإستهداء به في متاهات الواقع، وللإستضاءة به في ظلمات الطريق، وللإطلاله على المستقبل في كل قضاياه، ليشعر كل مسلم بأن القرآن الكريم يعالج له كل أوضاعه الحياتية، فيكون المسلمون قرآنيين في أفكارهم وحركاتهم، تماماً كما كان المسلمون السابقون، الذي كان القرآن الكريم يتحرك معهم، فيطل على مشكلاتهم الصعبة، ليقدم لهم الحلول الصحيحة التي تبعث فيهم السكينة والثبات، وإذا كان معلوماً أن معالجات القرآن الكريم في الماضي انطلقت من خلال سنن الله تعالى في الكون والإنسان لا من خلال خصوصية في الزمان والمكان والأشخاص، فلذلك يمكن الأخذ بها في الحالات المماثلة مما يجعل المسلم يتحرك بها في الحاضر والمستقبل لأن سنة الله تعالى لا تتبدل ولا تتحول.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب كان قد صدر قبل أكثر من عشرين سنة وطبعت أجزاء عديدة ونفذ من الأسواق منذ زمن وكثر من الحاجة إليه من قبل القراء والدارسين... فكان العزم من قبل العلامة فضل الله تعالى على إصداره في هذه الطبعة الجديدة، بعد إعادته النظر في بعض أبحاثه، مبدياً بعض الملاحظات حولها، ومناقشاً بعض الأفكار الواردة في بعض الدراسات التفسيرية والفكرية، لا سيما ما ورد في تفسير الميزان للعلامة السيّد محمد حسين الطباطبائي، الذي هو من أفضل التفاسير الحديثة ثرا وتنوعاً فكرياً وتفسيرياً.
ولذا حاول العلامة فضل الله عزّ وجلّ دراسة بعض أبحاثه درساً نقدياً بناء على مستوى أسلوب التفسير أو مواد الفكر، وقد وصل بهذه الزيادات إلى أوائل سورة الأعراف. إقرأ المزيد