تاريخ النشر: 11/01/2006
الناشر: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:واضع هذا الكتاب، أفغيني ماكسيموفيتش بريماكوف، شخصية سياسية دولية معروفة. عمل مراسلاً لصحيفة "برافدا" في منطقة الشرق الأوسط، وقد كان مسؤول مكتب وكالة "تاس" الروسية بلبنان. كما اشتغل بالعمل الاستخباري في الـ"KGB" وتولى رئاسة مكافحة التجسس فيها "SVR" لمدة طويلة في عهد الاتحاد السوفييتي. وشغل منصب وزير خارجية روسيا، ...ثم أصبح رئيساً لوزرائها، وترأس غرفة تجارة موسكو، وهو أحد المستشارين الدوليين للرئيس الروسي "بوتين" إضافة إلى كونه مستشرقاً بارزاً.
"العالم بعد 11 أيلول والحرب على العراق"، هو أحدث كتب بريماكوف، يعرض فيه تصوراته وتحليلاته للصراعات الدائرة في عالمنا الراهن، والمشكلات الأساسية التي يواجهها، والمتغيرات الجيوسياسية التي استجدت. يتعرض الكاتب لكل ذلك بالعلاقة مع منعطف الحادي عشر من أيلول الذي لا يراه –على رغم جسامته، وما جره من آثار فكرية وسياسية وعسكرية على العالم أجمع –حادثة عابرة، بل أن "أحداث الحادي عشر من أيلول أخذت "تتضاعف"، على حد قوله، أي إنها ظهرت وتظهر في أمكنة قد لا تقع في دائرة التوقع.
يبدأ بريماكوف كتابه بعرض لظاهرة الإرهاب في القرن العشرين، من دون أن يقدم على صياغة تعريف مباشر لها، وإنما يستعرض بإيجاز ظروف نشوئها في القرن العشرين، وينفي خرافة تأصل النزعة العدوانية في الإسلام، وهذا ما شاع، للأسف، لدى عدد غير قليل من الكتاب الغربيين. ويؤكد بريماكوف أن "لا جذور للإرهاب في القرآن"، ويشرع بالبحث عنها في السياسة الدولية. فالولايات المتحدة، مثلاً، في حقبة الحرب الباردة، أسهمت كثيراً في نشوء أبرز الجماعات الإسلامية المحاربة: القاعدة، أما "طالبان" فهي صنيعة أجهزة الاستخبارات العسكرية الباكستانية. عليه فالاثنتان ليستا من مستحدثات أية دولة عربية إسلامية، ولأنه يحاول أن يستغور أسباب هذه الظاهرة في ملل ظهرت متأخرة في تأريخ المسلمين، وتعد انحرافاً عن قيم الإسلام الأصلية أكثر منها تمثيلاً له، فهي ليست تطوراً أو تحولاً طبيعياً نابعاً من هذا الدين. كما يرد أسبابها أيضاً إلى ارتباك عمليات التنمية والعلمنة في أجزاء كثيرة من العالم العربي (وقد سبق لبريماكوف أن ألف كتاباً عن عبد الناصر والناصرية)، ثم أن تعذر التوصل إلى أية تسوية للقضية الفلسطينية يهيئ حاضنة لتفاقم واتساع نزعة العداء حيال الغرب بالمعنى العام. فحالة الاحتباس التي يعانيها الواقع العربي، وانسداد آفاقه، وشيوع الإحساس بالذل والاستلاب وغمط الحقوق، لا بد أن توفر المهاد لاتساع العدوانية وتوالد حركات تمارس أعمالها في داخل حدودها الوطنية وخارجها، ولا ينحصر الإرهاب بالجماعات الإسلامية المتطرفة، بل استخدمته حركات يسارية ودينية وانفصالية في بقاع أخرى من العالم، كما يقول هو نفسه.
يرى بريماكوف أن الحركات المتطرفة والجماعات الإرهابية غدت تنظيمات لها استقلالها التام عن الأنظمة الحكومية، وانفلتت من سيطرة الأجهزة التي تربت في أحضانها، كما يحمل مسؤولية ما يجري، وإمكانية توالد تلك الحركات والجماعات وإتساعها إلى انفراد الولايات المتحدة على حد قوله. ينتقد بريماكوف كل ذلك. لكن بين طيات انتقاداته يقترح سياقاً آخر ينظم، كما يعتقد، العلاقات بين أعضاء المجتمع الدولي بعامة، وبين الفاعلين الكبار بخاصة، ويقترح آليات عمل يلجم الإرهاب الذي لا يتردد في وصفه قوة مؤثرة تربك الأمن والاستقرار الدوليين، وتهدد حياة ناس هذا الكوكب، فكيف ستغدو الحياة على الأرض إن تولت حركة إرهابية ما زمام الأمر في دولة نووية كالباكستان مثلاً؟ يتسائل بريماكوف خائفاً من شيوع الأسلحة غير التقليدية في بلدان كثيرة، فلا شيء يضمن أن تلك الدول تضع ترسانتها من الأسلحة الخطيرة تحت سيطرتها ورقابتها المطلقة لتمنع تسربها إلى أيدي الجماعات الإرهابية! كما يصرح دوماً بوجوب كف الولايات المتحدة عن الانفراد بمعالجة هذا الصنف الجديد من الإرهاب، والمشكلات المرتبطة به، أو بالأحرى المشكلة التي يعدها من دواعي تنامي الإرهاب وتحريض النزعة العدوانية في الشرق الأوسط، ألا وهي: القضية الفلسطينية، تلك القضية التي طال حلها وتعقد حتى غدا الحل نفسه معضلة "أبدية". إذ أن ما تجدر الإشارة إليه في هذا التقديم الموجز، هو ربط بريماكوف لظاهرة الإرهاب حالياً، بالقضية الفلسطينية التي تعد شأناً خرج من إقليميته خروجاً بارزاً بعد أحداث أيلول من العام 2001 بحسب اعتقاده. وشاهد الكاتب على هذا هو كلام قاله برلسكوني في أثناء لقاء له ببوتين: "إن القضية الفلسطينية ما عادت مشكلة إقليمية منفصلة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول، فهي بعد الآن قضية تؤثر تأثيراً مباشراً في علاقات الغرب مع العالم الإسلامي".
وهو فضلاً عن تحليله لظاهرة الإرهاب، والصراع في الشرق الأوسط، تناول قضايا النظام العالمي العتيد، وتعددية الأقطاب، والحرب في أفغانستان والعراق، والوضع في الشيشان، إضافة إلى استقراء الأوضاع في روسيا ومكانتها في العالم. إقرأ المزيد