تاريخ النشر: 01/01/2004
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
نبذة نيل وفرات:منذ عقدين أو أكثر بدأ الفقهاء في أوروبا يطرحون السؤال: لماذا قانون الأعمال مكان القانون التجاري؟ هل هذا الطرح مجرد استبدال للمصطلحات دون تغير في المحتوى أو المفاهيم والموضوعات؟ لم يتأخر هؤلاء من تقديم الإجابات التي تحاول أن تبين فائدة هذا الاستبدال وجدواه والدوافع الجدية لهذا الطرح الجديد. لكنهم ...مع ذلك لم ينتهوا بالسهولة المتوقعة ولا السرعة المنتظرة إلى الاتفاق الإجماعي الدقيق حول مضمونه ومحتواه.
ومع اقتراب المسافة بين الفقهاء والمؤلفات الأجنبية وبين الجهد الفقهي في المؤلفات العربية أصبح الرأي متفقاً على أن القانون التجاري بحالته الوضعية الراهنة ما زال يحمل آثار مرحلة تاريخية من مراحل تطوره مضت وانقضت. وأن حقيقة وضعه في المجتمع الراهن بعلاقاته الجديدة هي أنه "قانون الأعمال" لا "قانون التجارة" بمعناها التقليدي الضيق. إنه "القانون الاقتصادي" باتساعه وأبعاده وشمولية علاقاته؟
وهكذا فإن مشاهدة التطور المتسارع للمعطيات وللوقائع الاقتصادية والتجارية الحديثة مثلما فرض في مرحلة مضت الخروج من القانون المدني إلى القانون التجاري الحالي ومنه أيضاً إلى القانون الصناعي وقانون العمل والضمان الاجتماعي... وحتى إلى إخراج مواليد جديدة من القانون التجاري نفسه كالقانون الجوي والقانون المصرفي...
هي نفسها أصبحت تضغط باتجاه توسع وتطور القانون التجاري التقليدي نحو فضاء جديد "يستدعي مضموناً أو رداء مختلفاً يكون أكثر قدرة على استيعاب المسائل والموضوعات التجارية والصناعية وأكثر استجابة لحاجات مؤسساتها الحديثة والأشخاص المحركين لها وأدوات ممارستهم للنشاط.
..هذا القانون الذي بدأت إطلالته في أحضان الفقه الأوروبي بدأ يتحول إلى مقرر مسمى في الجامعات وإن دون اتفاق نهائي على تحديد محتواه: إنه إذاً قانون الأعمال.
حتى الآن وبعد أن مضى ما يقارب الربع قرن على ظهور هذا المصطلح، لم يعد مجرد عنوان جديد جذاب لمضمون قديم متكرر أي القانون التجاري، بل مصطلح لفرع قانوني حديث يبلور تدريجياً ذاتيته ويظهر استقلاليته عن القانون التجاري التقليدي وأن بقي هذا الأخير محورياً في أنائه وأساسياً في تركيز مضمونه وهويته.
ومع استتباب أمر هذا القانون الجديد في كليات الحقوق وفي كليات ومعاهد التجارة والأعمال في الدول الأوروبية وبعد أن أصبح حقيقة قانونية وإدارية نظرية وعملية، لم يعد بمقدور نفس الكليات في بلداننا العربية أن تبقى بمنأى عن هذا التطور لمواكبته وعن هذا التحديث لمماشاته.
وإذا كانت وتيرة تحديث القوانين في فرنسا تجعل الفقه متأخراً أحياناً عن مماشاة التشريع فإن الفقه في بلداننا على العكس يحب أن يشكل القاطرة المتقدمة على عربات العمل التشريعي وآلياته.
مع ذلك وككل مولود قانوني جديد فإن "قانون الأعمال" خاصة في بلداننا ما زال يتلمس هويته ويفتش عن ذاتيته التي تسمح باستقرار مضمون وموضوعات مؤلفاته.
هذه الدراسة رغم شغف الصياغة الفقهية المجردة لبناء مادة قانون الأعمال وهي لا زالت مولوداً حديثاً.. مع ذلك فإن تأليفها الحالي أتى محكوماً بتوجهها الخاص نحو الطلبة الجامعيين ومقتضيات الضوابط المتعلقة بمقرراتهم الحالية.
هذا الضاغط انعكس على مضمون "مادة قانون الأعمال" فأتى هذا المضمون أكاديمياً، رسمياً وخاصاً وبالتالي انتقالياً يؤسس لإنضاج التصور المستقبلي لمضمون هذه المادة الذاتي.
ولذلك فقد أبان هذا النص الخاص لمادة قانون الأعمال عن: 1-صياغة تركيبية انتقالية مكونة من أحجار عدة فروع قانونية مع استمرار الحضور المميز للقانون التجاري. 2-صياغة تأليفية لم تصل إلى الصهر الكامل للصيغ والفقرات، ولا إلى التحرر المطلوب من النقاط الجاهزة في المؤلفات، خاصة في القانون المدني والتجاري.. 3-محاولة تسمح ببلورة المضمون المستقل والذاتي لقانون الأعمال برؤيته الآتية التي قد تستقر قريباً في المقررات الجامعية.
وعليه فقد أتى اختيار الموضوعات كالتالي: القسم الأول: موقع قانون الأعمال ضمن عالم القانون. القسم الثاني: أشخاص قانون الأعمال. (العوامل المتحركة للأعمال). القسم الثالث: المحرك الجماعي للأعمال (الشركات). القسم الرابع: الوسائل المستخدمة في قانون الأعمال. (المؤسسة التجارية- الحساب الجاري، الأوراق والسندات القابلة للتداول). إقرأ المزيد