تاريخ النشر: 01/04/2006
الناشر: دار المدى للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:قد تبدو هذه المذكرات للقارئ العادي وكأنها تمجد أنظمة اقتصادية واجتماعية وسياسية أصبحت بائدة في عصرنا ولا تظهر إلا بصورتها السلبية المعادية لمصالح الشعوب التي صنفت حديثاً تحت اسم "البلدان النامية"، أو "دول العالم الثالث"، أو "دول الجنوب" الفقيرة مقابل "دول الشمال" الغنية. لكن عندما ننظر إليها من هذه ...الزاوية فإننا نظلمها، فهي ليست تاريخاً، لأن للتاريخ أسلوبه وطرائقه ونظرياته في تفسير الأحداث والنظر إليها, وهي ليست أدباً، لأن للأدب فنونه وأساليبه نثراً كان أم شعراً.. إنها ببساطة انطباعات عن أحداث ومشاهد إنسانية ورؤية سكنت ذهن صاحبها فترة طويلة من الزمن حتى حان الوقت لتدوينها ليشارك بها الآخرين تجربته الشخصية وخبرته التي أكسبته إياها سنوات عمره الثمانون.
لم يكن صاحب هذه المذكرات رجل سياسة بالمعنى الحرفي للكلمة، فهو قبل السياسة إمام لفريق مسلم شيعي إسماعيلي ينظر إليه نظرة الولد لأبيه، وهو زعيم مسلم بحكم كونه حفيداً لنبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك فهو مضطر بشكل من الأشكال للقيام بدور السياسي لتحقيق مصالح هذا الجزء الهام من مجموع البشرية.
وقد مارس الأغا خان الثالث السياسة وهو مقيد بهذين الظرفين (إمام وزعيم)، ولذلك فإن كل دراسة لشخصيته السياسية ستكون ناقصة ما لم تراع هذين الظرفين. لقد وقف موقف المؤيد للغرب عندما كانت تلك السياسات منسجمة مع النظرة الإنسانية والمساواة بين الناس بغض النظر عن الجنس أو الدين أو اللون. ولم يكن ذلك مستغرباً، فالآغا خان مواطن هندي/بريطاني مارس كامل حقوق المواطنة وقام بكل واجباتها. وعندما كان يرى الخطأ، كان يتوجه بالنقد اللاذع عبر صحافة الغرب بما يتفق والأسلوب الذي يفهمه الغربي ويقنعه.
إن منصب الآغا خان الديني، باعتباره إماماً بالوراثة للمسلمين الشيعة الإسماعيليين، جعل منه شخصية عالمية لا يتحدد إطارها بجواز السفر الذي تحمله. إن مسألة الجنسية ليست بالأمر الهام طالما أن إتباعه ينتشرون في دول المشرق والمغرب. لقد تنقل أجداده من قبله بين الحجاز والعراق والشام وشمال أفريقية ومصر وإيران وآسية الوسطى حتى انتهى بهم المقام في الهند منتصف القرن التاسع عشر.
ثم قام الآغا خان الثالث بنقل مقر إقامته منذ مطلع القرن العشرين إلى سويسرا وفرنسا حيث توفرت له إمكانيات الاتصال والتواصل مع بلدان كثيرة يتواجد فيها أتباعه. وتطلب منه منصبه التعرف على كبار شخصيات عصره والتعامل معها ومصادقتها أحياناً والعيش بأسلوب حياة كبار القوم في المشرق والمغرب.
وهذا ما يتكشف في كامل مذكراته من خلال وصفه لتفاصيل حياته اليومية ولقاءاته وهواياته ومطالعاته. إلا أنه مسلم ووريث زعامة إسلامية عمرها أربعة عشر قرناً ونيف، وهو مسؤول عن رعاية الثقافة وتنميتها. لقد كان هو نفسه مثقفاً بكلتا الثقافتين الشرقية الإسلامية والغربية الأوروبية. إقرأ المزيد