تطور فكرة العدل في القوانين العراقية القديمة
(0)    
المرتبة: 133,222
تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: دار الشؤون الثقافية العامة
نبذة نيل وفرات:تم الكشف في العراق منذ مطلع القرن الحالي عن موجود ثري صعب الإحصاء من التراث القانوني الرائع الذي ساد وهيمن على البلاد منذ عصور موغلة في القدم سبقت القانون الروماني بأكثر من ألفي سنة. الأمر الذي أظهر أن للقانون العراقي قصب السبق في ذلك.
وزادت هذه الأمور تأكيداً عندما وجد ...المهتمون بدراسة النظم القانونية والتشريعات القديمة ضرورة ولزوم الاهتمام والعناية بدراسة تاريخ القانون العراقي. فالعراق، هذا البلد الذي يعد مهداً لأقدم الشرائع وأرقاها، منه انتشرت القوانين إلى شتى بقاع الدنيا. وفي هذا الصدد يقول الرئيس صدام حسين: "أن أول حضارة وجدت في العراق... أي أن أول نشاط إنساني ناضج مؤاطر بسياقات معلومة ومفهومة، قد ظهر في العراق ومنه بدأ الإشعاع الحضاري لأول تجربة إنسانية متقدمة.. ويضيف قائلاً: بأن هذا الأمر لا خلاف فيه. لا يستطيع الأميركان بأن يدعوا أن أقدم حضارة وجدت في أمريكا ولا الفرنسيين ولا الإنكليز ولا السوفييت ولا أية دولة في العالم".
من هنا، يتبين أن من المظاهر الحضارية التي امتاز بها سكان العراق القديم دون غيرهم من شعوب العالم القديم، سواء الذين عاصروهم حضارياً أو أولئك الذين تحضروا من بعدهم، هي القوانين هي من أبرز النتاجات البشرية التي ظهرت. في العراق القديم من أجل خدمة الصالح العام، وإن كل شيء ظهر مستقبلاً لا بد أن يكون له داع وقصد. فالمجتمع العراقي كبير مقتدم حضارياً تتشابك قيه المصالح وتتنوع العلاقات منذ ظهور السفينة الشراعية في أواخر الألف الخامس قبل الميلاد عنواناً للثورة التجارية. والزراعة نشطة فيه والتعامل اليومي في مجالات الحياة المختلفة ذو أبعاد واسعة، عليه فلا بد من وسائل لفض ذلك التشابك والتنازع في المصالح فشرعت لذلك القوانين التي من أهمها:
-قانون أورنمو، الذي ينسب للملك أورنمو الذي حكم البلاد بحدود (2113-2095ق.م)، والذي كان القصد منه تحقيق العدل والقضاء على الفوضى الاقتصادية وإزالة البغضاء والظلم والعداوة.
-قانون لبت عشتار، الذي أصدره الملك المسمة باسمه القانون والذي حكم من (1934-1924ق.م)، ويهدف إلى إبراز العدالة والصدق وجلب الخير ونشر الرفاع في البلاد.
-قانون مملكة اشنونا، الذي يسبق قانون حمورابي بأكثر من نصف قرن ولا يختلف، هدف هذا القانون عن أهداف القوانين التي سبقته وهي تحقيق العدل وتنظيم الاقتصاد ومعالجة الوضع الاجتماعي في البلاد الخاضعة لإقليم القانون.
-قانون حمورابي، أصدره الملك حمورابي الذي استطاع توحيد البلاد بعد أن كانت مجزأة خلال سنوات حكمه الممتدة بين (1792-1750ق.م) وسمي باسمه، ويهدف إلى توطيد العدل ليسود فوق الناس كافة.
تلك كانت أمثلة أوردناها عن القوانين التي امتاز بها العراق القديم ولم نوردها على سبيل الحصر، فلا حظنا أن غاية القوانين جميعها هي تحقيق العدل، ثم جاء الإسلام واشرقت شمسه على العراق بعد أن تم تحريره من الحكم الفارسي في الشرق والرومي في الغرب ليكرس العدل في كل مجالات الحياة. الإنسان مع نفسه، مع الناس الآخرين، لتكون أكثر الصفحات إشراقاً للعدل وسيادة لاقانون في هذا البلد.
ومن هذا، جاء اختيار الكتابة في هذا الموضوع. وهو اختيار قائم على إيضاح وتذكير للناس في كل زمان ومكان بأن العدل كان ولا يزال صفة قوانين أهل هذا البلد وجوهر كيانه وما تبنى عليه علاقات أبنائه. مع العلم أنه موضوع شائك، لأنه يتعلق بفلسفة القانون وفلسفة العدل. والباحث عليه أن يستنتج من خلال النصوص مستلزمات بحثه.
ولما كانت المصادر قليلة فسيكون البحث أصعب. ومع كل ذلك حاول المؤلف أن يجد الكيان اللازم لذلك، وبحسب الخطة الموضحة في صدر هذه الدراسة التي رأى اعتقاداً واجتهاداً أن يقسمها إلى أربعة أبواب أساسية، تتناول: الباب الأول: ظهور فكرة العدل. الباب الثاني: نضوج فكرة العدل في العراق القديم. الباب الثالث: تطور فكرة العدل في العراق خلال العصر الآشوري. الباب الرابع: العدل في فلسفة القانون لدى اليونان والرومان. إقرأ المزيد