تاريخ النشر: 01/12/2005
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:"بيت نوارة لم يكن له مدخل كهذا الدهليز الطويل. أتذكره جيداً كما لو دخلته بالأمس. الباب الخشبي المزخرف يفضي إلى الحوش المربع الصغير، غير المبلط، بيت آخر هذا الذي أدخل إليه. دهليز طويل نهايته مظلمة، ولا ضوء إلا حيث أمشي، ثمة أيضاً نسمات لاسعة البرودة تنبعث من مسام الجدران ...الطينية تنسيني رطوبة الزقاق. أرفع رأسي بصعوبة ولا أجد السقف الواطئ المبطن بجريد النخيل، والذي كان يشتمه ابن نوارة الوحيد عندما يصطدم برأسه ويجبره على الإناء بعد رجوعه قبيل فخر كل يوم من حفلة سكر. هل يعقل أن يكون هذا الحطام هو حصنك المنيع أيتها الملكة نوارة؟ أم تكون قلعتك أيتها الإمبراطورة؟ لماذا تتركيني أتخبّط في ساحة الأوهام دون دليل، تتلاطمني تيارات الأسئلة بينما أنت غائبة في ملكوت آخر تخططين لأمر ما؟ توقفت بصعوبة تاركاً الخطوات المضيئة تواصل مغامرتها المجنونة حتى يتسنى لي اكتشاف مملكتك الجديدة، هذه التي كنت تحلمين بها في الماضي الجميل. لماذا لم تخبريني بأن مملكتك بيئة قمرية؟ هذا الدهليز فضاؤك الرحب، وأنا أحلق فيه كرائد فضاء، بدلته الحلم. أسبح بين صباحاتك وأغتسل بابتسامتك، وأتمرّغ بين كتل حنانك الدافئة. أشياؤك الكثيرة تحلق معي دون أن يكون لها شكل مميز، لون أو رائحة، أراها ولا أستطيع وصفها، أحسها ولا أستطيع إمساكها.. كان الصوت الأليف يمدني بالتفاؤل والأمل، كاشفاً بنشاط ذرات التشاؤم العالقة في خيالاتي... وكنت فرحاً لأنني اكتشفت بأن الصوت الرخيم الذي كان ينصحني إنما هو صوت مليكتي الفائية، صوت الحبيبة الأزلية نوارة. نوارة.. يا فرح الرعية بصدق المبايعة. نوارة.. أنا المبايعة، والمبايعة أنت نوارة... واستسلمت دون أن أسأل قلبي ولد لمرة واحدة: "هل توجد امرأة غير نوارة بإمكانها خلخلة كياني؟!".
يأخذك جمال الخياط إلى عالمه الأثيري فتعيش دقائق تلك الرحلة منتشياً بنشوة الروح التي مبعثها خيالات مخلقة وكلمات متدفقة عفو الخاطر. ليس لهذا الروائي الحالم أدوات لجذبك إلى عالمه سوى عبارات مترعة بمعانٍ رومانسية حالمة حيناً فلسفية مغرقة بالفلسفة أحياناً. يتأرجح الراوي بين الواقع والخيال وعليك أنت وكقارئ متوثب الذهن أن تقف على مراميه ومعانيه التي تقف خلف السطور. هي قصة صبي ربما حالم والأغلب خيالي يرحل وراء حلمه الوردي.. وراء نموذج أنثوي بريء.. وراء إمبراطورته نوارة.. يغيب في لحظات أثيرية مغرقة في السمو معها.. ومعان غابت عن الرواية المعاصرة لنجدها عند جمال الخياط في الساحلية. إقرأ المزيد