ملحمة المفاهيم 2، لغز الطوارق يكشف لغزي الفراعنة وسومر
(0)    
المرتبة: 58,979
تاريخ النشر: 01/05/2005
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:لنمضي بعيداً مع إبراهيم الكوني في ملحمة المفاهيم في بيان في لغة اللاهوت في جزئه السادس الذي بين أيدينا فنقرأ: لا تعلم الأغلبية أن كلمة Zero الدالة على الصفر في اللغات ذات الجذر اللاتيني إنما هي تركيب بدئي مكون من حرف الزاي الدال في لغة الطوارق على التشييد، أو ...الضًّفر، أو الكيان، مضافاً إليه تركيب "رو ro" الدالّ على الزمن القديم، وهكذا نستنتج المدلول الخفي بل والميتافيزيقي الذي تتستر عليه الجملة في تعبير: "المضفور قديماً"، أو المكون قديماً كناية عن الصفر كمبدأ مجهول الهوية. أما في لغة بدئية أخرى كالعربية، فإن كلمة صفر تركيب في الصاد المستبدلة من السين والدالة على مفهوم الشحن، أو التعبئة، أو الجوهر. ومن تركيب آخر ألفناه في رحلتنا مع اللسان البدئي هو: "فر" الدالة على الإخفاء، ليصبوا المعنى الأصلي للكلمة "المشحون بالخفاء"، أو "المجبول بالخفاء" تعبيراً عن مجاهل الصفر السحرية (لأن السحر في العالم القديم الإخفاء وليس الإبداء). وهو معنى يصلح قريناً لاسم "السَّفَر" الدال على الرحيل في العربية. لماذا؟ لأن السفر في حقيقته إخفاء أيضاً لا إبداء. السفر احتجاب عن الأنظار مثله مثل الزوال في بعده الأبدي، مثله مثل الموت. ولهذا السبب جعل منه "فرويد" قريناً لغيبة الموت في نظريته لتفسير الأحلام. ولهذا السبب تستولي علينا الأحزان لمجرد نية السفر ونتجنب مراسم الوداع لأنها تذكرنا بمراسم الدفن في مآتم الوداع الأخير. هذا برغم أننا لا نخفي ولعنا بالأسفار. لا نخفي حنيننا إلى السفر، لأنه حنين إلى الحرية. حنين إلى الحرية الحقيقية، الحرية النهائية التي لا تتحقق إلا في الموت.
من هذا المفهوم الذي ينطوي عليه السفر كترياق لعلّة موجعة اسمها الوجود انبثق اسم "أسفار" الدَّال في لغة الطوارق على معنى "الدواء". وهي مزاوجة تبدو مستحيلة إذا لم نحكم في أمرها المفهوم من ناحية، وإذا لم نلجأ لكلمة مرادفة لها تماماً في النطق وقرينة لها في الدلالة وهي كلمة "سفر المستخدمة في العربية بمعنى "كتاب". فإذا كانت دنيانا رحلة هم فإن هذا الداء لابد أن يحتاج إلى دواء للاستشفاء.
إلى هنا تنتهي قراءتنا لما جاء في ملحق إبراهيم الكوني عن بيانه في لغة "الصفر". هي قراءة في جزء من سفر ملحمة المفاهيم التي تبدو وكأنها إبحار في عوالم فلسفية عميقة الأغوار. ومن الذي يتثنى له إدراك تلك الأبعاد الفلسفية للغة البشر؟! إنه ولا شك إنسان عبقري بامتياز في طرق أبواب النفس البشرية منذ بداياتها للكشف عن حقيقة الحرف الذي شكل في نهاية المطاف لغة ولغة حضارة. إقرأ المزيد