مائتي عام على إصدار التقنين المدني الفرنسي 1804 - 2004
(0)    
المرتبة: 30,217
تاريخ النشر: 01/01/2005
الناشر: منشورات الحلبي الحقوقية
نبذة نيل وفرات:بعد قيام الثورة الفرنسية وإعلان المساواة بين جميع المواطنين، أصبح إصدار قانون موحد لجميع المواطنين أمراً طبيعياً وملحّاً. وبالفعل أعلن المجلس التأسيسي في بيان له بتاريخ 5 آب 1790م عزمه على سن قانون مدني موحد تطبق أحكامه في جميع أرجاء المملكة، ولم تكن الملكية قد ألغيت يومها، وعلى الجميع ...بدون تمييز. إلا أن الأمر تعثر، فقد جرى عدة محاولات بعد إلغاء الملكية بين العامين 1794 و1799 لإصدار قانون موحد، وضيفت عدة مشاريع، ولكن المحاولات باءت بالفشل، ثم جاء عهد الحكومة القنصلية والتي تألفت في البدء من ثلاثة قناصل هم سيّباس ودوكو Ducos وبونابرت. وبعد تأليف هذه الهيئة أصبح بونابرت القنصل الأول، فأصدر في 13 آب من عام 180 قراراً ألف بموجبه لجنة برئاسة Trouchet رئيس محكمة التمييز وعضوية كل من مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز وموديفل Modevile أحد قضاة هذه المحكمة وبورتالي Portalis مفوض الحكومة لدى محكمة الغنائم. كان تشكيل هذه اللجنة يعكس الاتجاهات الحقوقية السائدة يومذاك في فرنسا قبل الثورة؛ فقد كان الأولاد من المناطق التي تسود فيها الأعراف فيما كان الآخران من المناطق التي تطبق فيها القوانين المكتوبة، وأوكل إلى اللجنة مهمة إعداد مشروع "التقنين المدني". كان نابليون، وهو العسكري الذي لم يتمتع بثقافة حقوقية، يحضر أكثر جلسات اللجنة ويشترك في المناقشات، وبتدخله المباشر أقرت بعض الأحكام، كإمكان الطلاق باتفاق الزوجين، وواجب الزوجة في طاعة زوجها، وكذلك وخاصة إقرار جواز التبني. وكانت اللجنة قد رفضت في البدء قرار التبني، ولكنها وأمام إصرار نابليون، والذي لم يكن قد رزق بعد بولد، رضخت فأقرت التبني، ولكن مع بعض القيود، في حين كان نابليون يرغب في إقرار التبني الكامل.
أنهت اللجنة أعمالها في مدة لم تزد عن الأربعة أشهر، وعرض المشروع على قضاة محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف، وبعد دراسته من قبل المجالس المتعددة في الدولة يومها: مجلس شورى الدولة، ومجلس الـ(Tribunat)، وهو مجلس مختص بدراسة مشاريع القوانين، وأخيراً المجلس التشريعي. أقرّ المشروع بموجب مجموعة من ستة وثلاثين قانوناً، جمعت بعدها في تقنين واحد صدر بموجب قانون 21 آذار 1804 أطلق على التقنين تسمية التقنين المدني للفرنسيين وثم صدرت في العام 1807 طبعة ثانية وكانت تحت اسم تقنين نابليون وفي العام 1816 صدرت طبعة ثالثة بالتسمية الأصلية أي التقنين المدني.
إلا أن مرسوماً إمبراطورياً صدر في 27 آذار 1852 أعاد إلى التقنين تسميته الثابتة أي تقنين نابليون. وبموجب قانون 30 Ventose المشار إليه، ألغيت بصورة إجمالية كل القوانين الرومانية والأنظمة والأعراف العامة أو المناطقية في كل ما تناوله التقنين الجديد. وهكذا بالاستطاع ترديد قول الحميد جوليو دو مورانديير: "إننا مدينون له (أي لنابليون) في إنجاح عملية التدوين التي كان الفرنسيون يتمنونها منذ ثلاثة قرون والتي لم يستطع لا النظام القديم ولا الثورة تحقيقها". وبمناسبة مرور مائتا عام على إصدار التقنين المدني الفرنسي (1804-2004م) عقدت كلية الحقوق في جامعة بيروت العربية ندوة شارك فيها العديد من رجال القانون وأساتذته. ونظراً لأهمية الطروحات ولأهمية المحاضرات وللبحوث المقدمة في هذه الندوة، فقد تمّ تكريس هذا الكتاب لها تعميماً للفائدة، وتأكيداً على الحضور القانوني لكلية الحقوق في الجامعة العربية في هذا المجال. إقرأ المزيد