موسوعة الإسلام وإيران (ديناميكية الثقافة وحيوية الحضارة)
(0)    
المرتبة: 36,527
تاريخ النشر: 01/02/2007
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
نبذة نيل وفرات:ليس ثمة ألم أقسى على كل ملتزم من أن يرى سحق وضياع اعتبار عقيدته وأمته. فمنذ تلك الفترة التي تعرضت فيها البلدان الإسلامية والشرقية للغزو الغربي العسكري والثقافي والدعاية لقناعات لدى المسلمين (والتي تعد المصداق الأتم للاستعمار) من مثل عدم جدوى سعيهم أو عدم استطاعة المسلمين ارتقاء ذرى العلم ...والمعرفة والاكتفاء بذلك الحد المقدر لهم منذ الأزل، منذ تلك الفترة ظرهت شخصيات كبرى تهتف بشعار إيقاظ الشرق والمسلمين، وتقرع طبول الدعوة للصحوة الشرقية والإسلامية مقابل دعوات التفوق الثقافي والحضاري الغربية. وأخذت أمواج الصحوة الإسلامية بالاتساع والامتداد منذ مائتي عام إلى يومنا هذا. وأهم مكتسبات هذه الحركة التاريخية هي الإعادة التدريجية للثقة بالنفس إلى العالم الإسلامي، بحيث أن الادعاء الغربي القديم بالتفوق والأفضلية بات ذا تأثير أقل رغم شدة الدعايات الصوتية والتصويرية والإلكترونية. وبدا المسلمون بإعادة الثقة إلى نفوسهم علمياً ومعرفياً من خلال استثمار ما أعده رواد ودعاة اليقظة السياسية والثقافية. ومن أجل المضي قدماً في هذا المجال ولتوطيد عامل الثقة بالنفس بذلت جهود كبيرة قيمة من قبل بعض الشخصيات الكبرى.
ويرى الدكتور علي أكبر ولايتي بأن التحرك ضمن هذا الاجاه يكشف عن أن المسلمين ما زالوا في بداية الطريق ولا زالت تفضلهم عن الهدف مسافة كبيرة. والذي لا يشك فيه هو أن الحركة قد بدأت حقاً. من أجل ذلك جاء كتابه هذا الذي يعتبر مساهمة في هذا المجال، والكتاب، وكما يذكر الدكتور ولايتي بأنه نتاج جهد طويل وعلى أساس تفكير، ربما هو جديد كان يخطر في ذهنه منذ سنوات طويلة، وهو ينطلق من هاجس إنتابه كمسلم إيراني حول الهوية الثقافية والحضارية للإسلام وإيران. في كتابه هذا يقدم الكتور ولايتي الرسم البياني التاريخي الإسلامي للثقافة والحضارة الإسلامية.
من أجل ذلك قام بتقسيم التاريخ الإسلامي إلى مراحل ضمّت كل مرحلة شرحاً مفصلاً وعلمياً لكل ما رافقه من تحركات سياسية ثقافية اجتماعية... وجاءت المراحل على الشكل التالي: المرحلة الأولى ترافقت مع بدء تاريخ الإسلام، وذلك مع بدء دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم والتي اعتبرها بداية الحركة في تاريخ الثقافة والحضارة الإسلاميتين، وتبع ذلك المرحلة الثانية التي تزامنت مع تبلور تلك الحركة المهمة في تاريخ الإنسان المتمثلة في تشكيل الحكم الإسلامي في يثرب، المدينة المنورة (المدينة الإسلامية). ومن ثمّ انتشار الإسلام في جزيرة العرب وفي العالم المتحضر آنذاك، مثل بلاد ما بين النهرين وإيران وبلاد الروم ومصر، والحبشة، والهند، وما وراء النهر، والصين، والهند الصينية، وشمال أفريقية، مع تلك الفترة بدأت المرحلة الثالثة والتي بلغت في ذروتها في القرنين الهجريين الأول والثاني، وتبع ذلك المرحلة الرابعة المتزامنة مع مجاورة الثقافة والحضارة الفتية الإسلامية للحضارات العالمية القديمة، والسعي لمعرفة تلك الحضارات ونقلها إلى عالم الحضارة الإسلامية الذي بدأ منذ القرن الثالث واستمر حتى القرن الخامس الهجري. ومع المرحلة السادسة شهد المسلمون عصر ازدهار الثقافة الإسلامية العميقة والأدب العرفاني والذي يتمتع برصيد عظيم لا يمكن أن يقاس به أي رصيد ثقافي آخر. وشهدت المرحلة السابعة عصر الفن وفن العمارة، وحلّ في المرحلة الثامنة عصر الجمود الذي تزامن مع الغزوان الكبيران الطويلان الصليبي والمغولي حيث استمر الأول نحو مائتي عام والثاني نحو ثلاثمائة عام مخلفين وراءهما أثار ونتائج استنفزا طاقات المسلمين وأشاعا الخراب وقضيا على كل جهود المسلمين السابقة في بناء ثقافتها وحضارتها وقد بلغ الجمود أقصى مداه في القرن الهجري الثامن والنصف الأول من القرن التاسع، وتأتي المرحلة التاسعة التي شهدت عصر التجريد الأول لحياة العالم الإسلامي بعد الهزيمة التي لحقت بالصليبيين في الشام وفلسطين على يد صلاح الدين الأيوبي (1187م/583هـ) والمغول في عين جالوت على يد مماليك مصر (1260م) وأدى ذلك إلى خلق محيط آمن أدى لازدهار الأوضاع السياسية للعالم الإسلامي.
وتبع ذلك المرحلة السادسة التي تزامنت مع الغزو الاستعماري وبدء الجمود الثاني، واعتبر الدكتور ولايتي بأن هذه المرحلة من الجمود هي أكثر جدية من الجمود الذي أعقب الحروب الصليبية الأولى والغزو المغولي ففي تلك المرحلة انتصرت الثقافة الإسلامية على الغزاة المنتصرين عسكرياً، أما في هذه المرحلة فقد كانت الغلبة الثقافية للغزاة في بادئ الأمر حيث حملوا معهم إلى العالم الإسلامي التكنولوجيا، والثقافة اللادينية أيضاً مضيفاً بأن الغزو الفكري الغربي الهادف إلى تغيير ثقافة المسلمين كان بمنزلة صفعة كهربائية موجهة إلى المراكز العصيبة للعالم الإسلامي أدت إلى بعث أمواجٍ حياتية أنتجت فيما بعد سلسلة من الحركات التاريخية المتتالية في سائر بقاع العالم الإسلامي والتي يعبر عنها بالصحوة الإسلامية أو الدعوة للعودة إلى الإسلام. وقد قام بتقسيم مراحل الحصوة الإسلامية إلى: المرحلة 1: الصحوة الإسلامية، المرحلة 2: تأسيس الحكومة، المرحلة 3: انتشار الإسلام، المرحلة 4: إعادة تشييد الثقافة والحضارة والإسلاميتين. إقرأ المزيد