تاريخ النشر: 01/07/2004
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:إن انتشار قيم العدل والمساواة والتسامح ومراعاة الحريّات الدينية واحترامها لدى عناصر المجتمع الأندلسي كافة، كان من الأسباب التي جعلت كلّ أندلسي مهما كان أصله ودينه يشعر بانتماء شديد إلى الأندلس وطناً وثقافة وسلطة. ولذلك فإنه ليس من الغريب أن نجد وظائف الدولة الأندلسية من حجابة وكتابة وأعمال ديوانية ...وغيرها يتولاها الصقالية والموالي والمسيحيون واليهود والمستعربون والمولدون من أهل الأندلس، وليس من الغريب أن نجد من قادة الجيش الأندلسي الذين يغيرون كل الممالك الإسبانية من هم من أصول إسبانية وأوروبية، أو أن نجد أمراء الأندلس وخلفاءها يتخذون لأنفسهم جيوشاً من الصقالية للدفاع عن الأندلس وشن الغارات على الممالك الإسبانية وتحقيق الانتصارات، كما فعل المنصور بن أبي عامر الذي دوّخ أرض الإسبان المجاورة بجيش معظمه من الصقالية.
وليس من الغريب كذلك أن نجد كثيراً من الزعماء الدينيين المسيحيين واليهود في الأندلس يعملون سفراء ومترجمين لملوك الأندلس عند ملوك إسبانيا وأوروبا، ويتفانون في الإخلاص للأندلس وسلاطينها في أثناء تأديتهم للوظائف المركولة لهم، مؤثرين انتماءهم للأندلس على أصولهم الإسبانية الأوروبية.
إن هذه الروح الأندلسية الصافية، جعلت مسلمي الأندلس يبادلون العناصر السكانية الأخرى التي يتألف منها النسيج الاجتماعي الأندلسي احتراماً باحترام وعناية بعناية ومشاركة في الأفراح والأحزان، وتعايشاً بتعايش... مما نجم عنه شيوع بعض المظاهر التي تمثل هذا التمازج الثقافي والحضاري بين سكان الأندلس كافة.
أما قيام العلاقات الثقافية بين الأندلس والدول الأوروبية المجاورة لها والبعيدة عنها، فقد كان نتيجة طبيعية لما حدث من تمازج ثقافي وحضاري داخل الأندلس نفسها بين العرب والمسلمين والسكان الأصليين من أصول إسبانية وأوروبية. ولذلك فإن هذا الكتاب يحاول رصد بعض مظاهر التمازج الثقافي داخل المجتمع الأندلسي، مثلما يحاول تقصّي بعض صور العلاقات الثقافية التي نشأت بين الأندلس-إبان الحكم الإسلامي-والدول الأوروبية. ويشتمل هذا الكتاب على ثلاثة مباحث رئيسية: الأول: العلاقات الثقافية بين الأندلس وأوروبا. الثاني: احتفاء مسلمي الأندلس بأعياد المسيحيين. الثالث: عناية الأندلسيين بالتأريخ المسيحي. إقرأ المزيد