تاريخ النشر: 01/01/2001
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:اليهودي، في تعريف المفكر اليهودي الشهير جورج شتاينر، هو ذاك الذي سيظل أبد الدهر عاجزاً عن كبائر ثلاث: ممارسة التعذيب، ودفن الأحياء، ومنع الكتب، ثمة، في نظره، إرث أخلاقي وتراجيدي عريق يحول دون ذلك، فاليهود "قبيلة الأنبياء والكوارث" واليهودي لا يقيم في مكان آخر سوى "بيت النص".
اعتذار شتاينر عن ...هذا التعريف لم يتأخر كثيراً! فمع ولادة انتفاضة 1987 وافتضاح حقائقها الصلبة المنقولة بالصورة والصوت، اعترف شتاينر أن إسرائيل اليوم تمارس التعذيب وتدفن الفلسطينيين أحياء وتمنع الكتب، ولقد نعى الثمن الباهظ الذي تدفعه اليهودية في انتقالها من طور "المعجزة السوداء الساعية إلى حفظ النوع" إلى طور "المعجزة الدامية الساعية إلى حفظ دولة لا تعيش إلا بحد السيف".
كتاب المتوكل طه "رمل الأفعى: سيرة كتسيعوت-معتقل أنصار 3" يذكرنا من جديد بأن ذلك التعريف الذي حلم به شتاينر لا يسير من انحطاط إلى انحطاط فحسب، بل هو يكمل إغلاق دائرة تامة على تعريف آخر اجترحه حيدر عبد الشافي ذات يوم، حين خاطب قادة إسرائيل من منبر مؤتمر مدريد: لقد رأيناكم تلتفتون إلى مأساة الماضي بعميق الأسى، وتشخصون برعب إلى ضحية تشوهت فانقلبت إلى قاهر...
ولأن المقهور وليس القاهر في الواقع، هو السباق إلى اكتشاف حدود القهر الضيقة كيفما استشرت واستشرست واتسعت، فإن هذا الكتاب وثيقة بليغة في تجريد أوليات القهر: تجريدها بمعنى تعرية أستارها وذرائعها وشكلها ومحتواها وتجريدها بمعنى رفعها إلى مصاف الرمز الكوني المجرد لحيز المحتاج إلى الترميز، وليست عبقرية "الشباب" رجالات انتفاضة 1987 الذي يسجل المتوكل طه حكاياتهم وشهاداتهم، في تدبر أكثر من أسلوب واحد فذ يتيح اكتشاف حدود القهر الضيقة، ليست تلك العبقرية سوى ذلك "النص الأعلى" الذي اعتاد الأرشيف التاريخي أن لا يلحظه تماماً، رغم أن التاريخ لا تكتبه على حقيقته سوى تلك النصوص العليا.نبذة الناشر:ثمة في كتاب المتوكل طه، تفاصيل مدهشة عن هذه "الحياة بالمقلوب": سوداء مثيرة للغضب تارة، طريفة محرضة على الضحك طوراً، وإنسانية طافحة بثراء الروح في الحالين. ثمة تسجيل وقائعي وثمة التقاط شعري للمادة التسجيلية ذاتها. مرة يروي المتوكل طه بلسان الأمين على تفاصيل التاريخ، ومرة يسرد بلغة الروائي الساعي إلى رفد التاريخ بنفحة حرة من مخيلة البشر. مرة تدهشنا الواقعية! العجائبية، لا لشيء إلا لكي تدهشنا أكثر الواقعية ذاتها في مادة تشكيلها الواقعية!
هذا كتاب ينهض على أكثر من قيمة خاصة واحدة، عدا عن كونه ينتمي أولاً إلى ما نسميه "أدب المقاومة" بالمعنى الأرقى بالنسبة إلى مصطلح الأدب، وبالمعنى الأكثر تمثيلاً للفعل القاعدي بالنسبة إلى مصطلح المقاومة. إنه شعر وقصة وسيرة وشهادة وتاريخ وجغرافيا وذاكرة فردية وأخرى جمعية، وهو وثيقة بليغة في إدانة الدولة العبرية، منتهى التمثيل المؤسساتي لليهودي/الضحية وقد تشوه.. وتشوه.. وتشوه. إقرأ المزيد