تاريخ النشر: 01/01/2016
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر
نبذة نيل وفرات:لم يعد القاص الكولومبي جابرييل جارسيا ماركيز اسماً يلفه الغموض في عالمنا العربي كما كان قبل سنوات، وربما لم يقدر لكاتب أجنبي أن تنقل أعماله بهذه الغزارة إلى العربية وأن تحقق هذا القدر من الاتساع في أفق الانتشار في عالمنا العربي مثلما حدث لماركيز، فقد طالع القارئ العربي له ...على التوالي أعماله المرسومة "مائة عام من العزلة"، "خريف البطريرك"، "قصة موت معلن"، "العقيد لا يجد من يكاتبه" "عاصفة الأوراق"، "قصة بحار غريق"، "في ساحة نحس".
والحق أن هذا الانتشار في العربية إنما هو استمرار لانتشار مماثل في العديد من اللغات الأخرى على امتداد العالم، هكذا فإن منح جائزة نوبل في الآداب للقاص الكولومبي لعام 1983 لم تكن إلا إقراراً بواقع يجمع الكثيرون عليه وإعلاناً من جانب لجنة منح الجوائز بأنها تستطيع-ولو لمرة-أن تكون منصفة في تخصيص جوائزها. وفي هذا الإطار الأشمل تأتي هذه المجموعة لتطرح خصوصيتها ولتقدم هويتها المتميزة، فقد عرف القارئ العربي النسيج الروائي عند ماركيز في مرحلته المتقدمة، لكن هذا النسيج لم يأت من فراغ ولم يكن وليد لحظات عبقرية متوهجة منبتة بذاتها عن الزمان والمكان، وإنما كان استمراراً وتطويراً لجهد ذائب دام سنوات طويلة ترجع إلى ما بعد الحرب العلامية الثانية، والمجموعة الماثلة بين أيدينا هي بمثابة "المقولات" بالنسبة للنسيج العقلي الخالص عند ماركيز.
والمجموعة الماثلة بين أيدينا هي قراءة مبكرة في كتاب العزلة، وهي بهذا المفهوم تصب في التيار الثاني في تفسير أعمال مركيز والتي تذهب إلى أن ماركيز إنما يقيم بمجمل أعماله صرح بناء واحد، وأنه في الواقع يؤلف كتاباً واحداً، ولكن في مجلدات عديدة، ومن هنا تأتي أهميتها حقاً، إنها رحيل فيما أسماه القاص الشهير سلمان رشدي باسم "أرض جارسيا" استكشاف حقيقي ووعر لجل الجليد الذي تمثله الرواية اللاتينية مجسدة في كتابات أبرع من أسهموا في تطوير "الواقعية السحرية".
هنا تمتد أمامنا في صورة بكر المادة التي ستتعقد، فيما بعد لتقدم النسيج شديد الخصوصية، لـ "مائة عام من العزلة" تتردد موضوعات وأسماء وأماكن ستلج ذاكرتنا فيما بعد راعدة كفيضان من عناق الرعد والبرق، وهي إذ تفض نفسها أمامنا، إذ تمنحنا بدنها طواعية تراوغنا متحدية إيانا لندخل مغاليق دهاليز ما هو طبيعي ومنطقي من ثم عقلي وما هو مفارق لهذا كله وفائق له أو متدن عنه.
هنا يفضح جارسيا ماركيز عرى ما هو طبيعي وعادي ومألوف ليبين أنه لم يكتسب عاديته إلا من استكانتنا له ومن انصياعنا للقهر النابع منه. إن دخول القطار إحدى القرى اللاتينية، هذا المشهد العادي والمألوف، سوف يقابل في "مائة عام من العزلة" باندفاع امرأة صارخة وكأن العالم قد بلغ نهايته، لكن قيام المهندسين الأمريكيين بتقسيم البحر عقب تقطيعه إلى قطع مرقمة ونقله إلى غبش كاليفورنيا في "خريف البطريرك" لن يجد من يبدي نحوه أي شعور بالدهشة فأين الطبيعي وأين المفارق للطبيعة حقاً؟
وفي عالم يختلط فيه الأشياء ويعجز المرء عن تبين كفه في وهج الشمس وينسى اسمه في خمار الذاكرة تمتد الرحلة الوحشية عبر هذه المجموعة. لكننا حين ننتهي منها لا نكون أبداً على نحو ما بدأناها.نبذة الناشر:هذا كتاب للتأمل، للتساؤل من ثم لفتح الأبواب التي تأتي منها الريح، وشأن أعمال جارسيا ماركيز جميعاً فإن علامات الاستفهام التي يطرحها لا تدعي لنفسها القدرة علي علاج كيان مريض لكنها تتقدم باعتبارها مدخلاً للتشكيك في حجية منطق يجعل من المرض طريقة حياة ومن الاستقلال فاتحة كتاب. إقرأ المزيد