شرح ديوان زهير بن أبي سلمى - لونان
(0)    
المرتبة: 62,293
تاريخ النشر: 01/01/2007
الناشر: دار الكتاب العربي
نبذة نيل وفرات:مرّ تاريخ الأدب العربي بعصور أدبية متعددة مترابطة ؛ والعصر الجاهلي – في حساب الزمن – أول عصور التاريخ العربي ، ففي أدبه صفحات فخار ، وفصول مجد ، وضروب من الفروسية ، وفنون من الفتوة ، وفيه ما يحفّز النفوس إلى مكارم الأخلاق ، ويطمح إلى درجات العلا .... والشعر الجاهلي لا يقلّ غزارة وسموّاً عما تركه كل شعر في العصور الأخرى وهو " ديوان العرب " الحافظ لأخبارهم وأيامهم وحكمهم المأثورة ؛ به حُفظت الأنساب وعُرفت المآثر والأمجاد والمفاخر والبطولات . وهو الأصل الذي انبثق منه الشعر العربي في العصور كافة ، وأرسى عمود الشعر ، وثبت نظام القصيدة ، وصاغ المعجم الشعري . وقد توارثه الأبناء من الإباء جيلاً بعد جيل ، ورددته الألسنة ووعته العقول . وجيل اليوم هو بأمسّ حاجة إلى استجلاء شخصيات الفرسان والأبطال والمفكرين ليقتبس منها لمحات الفتوّة ومخاتل النجدة ، ومُثُل العزة ، ومفاخر الكرم ، وصحة الحِكَم والأمثال ، ورجاحة التفكير والعقول . غير أن هذا التراث المجيد ، والميراث الخالد ، بحاجة إلى باحثين ، يحيّونه وينقدونه ويصنفون وييسرونه للقراء . من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب الذي يمثّل شرحاً لديوان الشعر زهير بن أبي سلمى ، وأبي سُلمى هو ربيعة بن رباح إبن قرة بن الحارث بن مازن بن ثعلبة بن ثور ... بن مضر بن نزار . ولد في بلاد مزينة بنواحي المدينة ، وكان يقيم في الحاجر ( من ديار نجد ) ، واستمر بنوه فيه بعد الإسلام . وهو حكيم الشعراء في الجاهلية ، وأحد الثلاثة المقدمين على سائر الشعراء ، وإنما اختُلف في تقديم أحد الثلاثة على صاحبيه . فأما الثلاثة فلا اختلاف فيهم ، وهم امرؤ القيس ، وزهير ، والنابغة الذبياني . نشأ في منازل بني عبد الله بن غطفان وأخواله من بني مزّة الذبيانيين ، وفي كنف خاله بشامة بن القدير ، وكان شاعراً مجيداً ، كما كان سيداً شريفاً ثرياً . يقول إبن سلام : " وكان زهير ممن فقأ عين بعير في الجاهلية ، وكان الرجل إذا ملك ألف بعير فقأ عين فحلها " . يقول الرواة أن أباه ربيعة لم يعش طويلاً في عشيرة أخواله ، وأن امرأته تزوجت من بعده أوس بن حجر الشاعر التميمي المشهور . وهنا يلمع في حياة زهير إسم خاله بشامة بن العذير ، فقد كفله هو وإخوته ، وعرف منهم سلمى والخنساء . قال إبن الأعرابي . وكان بشامة بن الغدير خال زهير بن أبي سلمى ، وكان زهير منقطفاً إليه وكان معجباً بشعره ، وكان بشامة رجلاً مقعداً ولم يكن له ولد ، وكان مكثراً من المال ، فلما حضره الموت جعل يقسم ماله في أهل بيته وبين إخوته ، فأتاه زهير فقال : يا خالاه لو قسمت لي من مالك !! فقال : والله يا ابن أختي لقد قسمت لك أفضل من ذلك وأجزله . فقال : وما هو ؟ قال : شعري ورثتنيه . وقد كان زهير قبل ذلك قال الشعر ، وقد كان أول ما قال . فقال له زهيراً : الشعر شيء ما قلته فكيف تعتدّ به عليّ ؟ فقال بشامة : ومن أين جئت بهذا الشعر ! لعلك ترى أنك جئت به من مزينة ، وقد علمت العرب أن حصانها وعين مائها في الشعر لهذا الحي من غطفان ثم لي منهم ، وقد رويته عني ، وأخذاه نصيباً من ماله ومات . وقد برز عنصر التهذيب والتعليم بقوة في شعر زهير ، لا سيما في معاني العتاب والزهد ، حتى ظن بعض العلماء أنه خاضع لتأثير النصرانية . ويقول إبن قتيبة : كان زهير يتأله ويتعفف في شعره . ومن معلقاته ما يحمل على القول أنه كان مؤمناً بالله وبالبعث والحساب بدليل قوله : فلا تكتمنّ الله ما في نفوسكم .. ليخفى ومنها يُكْتَم الله يعلمِ / يُؤخّرْ فيوضع في كتاب فيدخر .. ليوم الحساب أو يُعجّلْ فينقمِ [ ... ] . وكان يُعنى بتنقيح شعره وتهذيبه ، وقد رويت له أربع قصائد سُخّيَتْ " بالحوليات " أي السنويات . وزعم رواة أخباره أنه كان ينظم الواحدة منها في أربعة أشهر ، وينقحها في أربعة أشهر ، ويعرضها على أخصائه في أربعة أشهر ، فلا تظهر إلا بعد حول . وأشهر شعره معلقته التي مطلعها " أَمِنْ أمَّ أوفى لم تكلّم ، ويتميز بمتانة لغتة وقوة تركيبه ، وكثرة الغريب في شعره ، وبتطلبه حقيقة المعنى الوضعي ليخرجه على ماديته الحقيقية ، وبتحكيمه عقله ورويّته في تصوراته وخياله ، فلا يتعد إلا في النادي ، من الحقائق الواقعية المحسوسة ، وهو أشهر شعراء الجاهلية في إعطاء الحكمة وضرب المثل ؛ وعرف في حياته بالرصانة والتعقل ، وهو شخصية ممتازة من شخصيات الشعر الجاهلي ؛ شخصية فيها برّ ورحمة ، وفيها نزعة قوية إلى الخير . وقد جمعت أشعاره في ديوان شرحه ثعلب المتوفي سنة 291 ه وشرحه الشختري المعروف بالأعلم المتوفي سنة 476 ه ، وله شروح أخرى ضاعت . ونظراً لأهمية هذا الشاعر ، وقع اختيار المحقق على الإعتناء بشرح أبي العباس ثعلب لهذا الديوان ، الذي هو أفضل شروح ديوان زهير ، إذ وجد أن الكثير من الكلمات في شعر زهير ، أو في الشرح نفسه ، قد يصعب فهمها على المتخصص بالعربية ، فكيف بالقارىء العادي ، فعمد على شرحها في حواشي الكتاب ، ولذلك جاء هذا الديوان يحمل شرحين : شرحاً لأبي العباس ثعلب في متنه ، ويتناول المفردات والمعاني ، وشرحاً في الحاشية يتناول شرح مفردات ومعانٍ لم يشرحها ثعلب . والهدف المساهمة في تسليط الضوء على هذا الشاعر الذي لم يحظَ بما يستأهله من اهتمام وإغناء المكتبة العربية بمزيد من الشروح لإبراز مدى أهمية الشعر الجاهلي وروعته . إقرأ المزيد