النزهة الشهية في الرحلة السليمية 1855
(0)    
المرتبة: 29,786
تاريخ النشر: 01/01/2003
الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر،
نبذة نيل وفرات:كانت بيروت في منتصف القرن التاسع عشر مركزاً هاماً من مراكز الاحتكاك والتواصل بين الشرق والغرب، إن لم تكن من أكثر موانئ الشرق انفتاحاً على العالم، وتسقطاً لأخباره، لذلك كان متاحاً للفتى البيروتي "سليم بسترس" أن يعرف الكثير عن أوروبا وما أحرزته من تقدم على كافة الصعد، إلى جانب ...الإلمام بما يحتاج إليه السائح من معلومات ضرورية للوصول إلى تلك البلاد، والتجول في ربوعها، ومشاهدة معالمها السياحية، ومدنها الزاهرة التي طارت شهرتها في الآفاق. فالتوجه من بيروت إلى الاسكندرية مروراً بحيفا ويافا على الشاطئ الفلسطيني كان القصد منه التوقف في مصر التي أراد لها محمد باشا (1769-1849) أن تكون في مصاف الدول المتقدمة، فالمار في شوارعها حينئذٍ لا يسمع في الغالب سوى رطانات الأعاجم بشتى اللغات؟ لذا فإن النزول في هذه المدينة، والتعرف إلى معالمها، ومن ثم الانتقال إلى القاهرة إحدى عواصم الشرق الكبرى، ومشاهدة فرجها المعتبرة تعني في واقع الأمر تقصى النتائح العملية لأول تجربة نهضوية رائدة في الشرق العربي حاولت الإفادة من علوم الغرب، واستلهام تجربته الحضارية. ورب قائل يقول: إن سليم بسترس لم يكن مسلحاً بما فيه الكفاية للخوض في مثل هذه المسائل نظراً لحداثة سنّه، ولكن الملاحظات التي دوّنها عن مشاهداته في مصر وسواها تشير إلى أن هذا الفتى كان على جانب من الاستنارة والوعي إلى الحد الذي يخرجه من دائرة الأحداث، ويجعله في عداد الرجال المؤهلين نسبياً لهذه المهمة وفاللغة التي عبر بها عن مشاهداته تؤكد أنه كان شاباً استثنائياً بكل ما لهذه الكلمة من معان، إذ تميز أسلوبه بالعفوية والبساطة مع الحرص على السلامة اللغوية والبعد عن التكلف الذي كان سائداً في أساليب معاصريه، وربما يذهب بنا الظن إلى أنه أقرب إلى أن يكون من كتاب القرن العشرين منه إلى كتاب القرب التاسع عشر، إذ يبدو ذلك جلياً في وصفه الطريف والدقيق للمدن ومعالمها السياحية فحسب، بل في تلك المقطوعات الشعرية الرقيقة التي كان يعبر عنها عن انفعاله حيال بعض المشاهد المؤثرة.
إن صاحب الرحلة السليمية لم يتعمق في دراسة الحياة الاجتماعية في المجتمعات الغربية في ضوء ما تحقق فيها من تقدم على غرار ما فعله معاصروه من أمثال الضهطاوي والشدياق. لأنه لم يكن مقيماً في تلك البلاد كما أقاما فيها بل كان سائحاً متنقلاً جاب معظم ممالك الغرب في غضون ستة أشهر، بالإضافة إلى حداثة سنة، وعدم اكتمال أدواته المعرفية إلى الحد الذي يمكنه من ذلك. لقد تتبع سليم بسترس مظاهر النهضة العلمية والصناعية والعمرانية في أوروبا. ولكنه لم يوف البشر حقهم من الوصف لنتعرف آثار هذه النهضة في عادات الناس، وأخلاقهم، وأنماط عيشهم، يستثنى من ذلك بعض الوقفات القصيرة التي تلقي ضوءاً خافقاً على ذلك الجانب الهام الذي طالما امتعنا به السياح والرحالة على مر العصور.نبذة الناشر:تنفرد هذه الرحلة لسليم بسترس 1839-1885 إلى أوروبا بأن صاحبها ومدون وقائعها فتحي لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر، ولا يُتوقع ممن هو في مثل هذه السن أن يمتلك العدة الكافية للقيام بمثل هذه المهمة، ولكن ما تقوله هذه الرحلة هو العكس. وثانيها، أنها كانت رحلة للمتعة، فصاحبها فتى من أهل اليسار، قصد من رحلته السياحة، ومشاهدة ما في أوروبا من معالم حضارية، والاطلاع على ما تحقق فيها من "التهذيب والنظام". وثالثها، أن رحلته شملت معظم بلدان أوروبا الغربية وبعضاً من بلدان الشرق التابعة للسلطنة العثمانية, وهذا قلما تسنى لغيره ممن زاروا أوروبا وكتبوا عنها في تلك المرحلة المبكرة من بدايات الاحتكاك بالغرب.
بدأ سليم بسترس رحلته من بيروت في السابع والعشرين من شهر آذار.مارس سنة 1855 بالسفينة البخارية المعروفة بالفابور، وعاد إليها في الأول من تشرين الأول/أكتوبر من السنة نفسها، وطاف خلال رحلته عواصم أوروبا ومدنها الكبرى والصغرى ومر بالإسكندرية وحيفا ويافا والقاهرة، وعبر المتوسط وصولاً إلى روما، ومنها إلى فرنسا فوصل إلى باريس، واجتاز بحر المانش متوجهاً إلى لندن، وقصد مملكة بلجيكا وزار مملكة بروسيا، ثم ألمانيا والنمسا، قبل أن يعود إلى القسطنطينية عن طريق السواحل الغربية لليونان، ومنها إلى بيروت. إقرأ المزيد