المصطلح النحوي وتفكير النحاة العرب
تاريخ النشر: 01/12/2003
الناشر: دار محمد علي للنشر
توفر الكتاب: نافـد (بإمكانك إضافته إلى عربة التسوق وسنبذل جهدنا لتأمينه)
نبذة نيل وفرات:لا يخلو التراث العربي الإسلامي من كتابات تدل على عناية بالمصطلحات ووعي بأهميتها من ذلك ما أولاه بعض الفلاسفة والمعجبين من عناية بالمسألة. من جهة ثانية فإن دراسة المصطلح النحوي (أو اللغوي عامة) إنما هي دراسة لأولى الخطابات وأقدمها. زمن المعلوم أن أقدم كتاب في نحو العرب يصلنا كاملاً ...هو كتاب سيبويه وقد كان على درجة كبيرة من النضج المنهجي والاكتمال المضموني مما يدل على أنه كان ثمرة ناضجة لمرحلة من المخاض والتفكير البدني في نظرية النظرية النحوية. ولقد تضمن الكتاب إشارات دالة على أن عهد البحث في النحو قديم وسابق بأزمنة على الفترة التي وضع فيها الكتاب. وإذا كان لقدم الخطاب الاصطلاحي النحوي أثره في الدفع إلى البحث في خصائص الاصطلاح وأسسه لدى النحاة؛ فإن هناك دوافع أخرى تحفز على الاتجاه بالدرس إلى هذا المجال. ويمكن تلخيصها في ضربين كبيرين: أولهما الخطاب النحوي نفسه، وثانيهما الخطاب اللغوي الحديث.
من هنا يأتي هذا البحث في المصطلح النحوي بالإضافة إلى أن الموضوع لم تتوفر فيه دراسات كثيرة، وإن وجد فإنها لم ترتكز على يروم الباحث التركيز عليه، وقد اختار لبحثه هذا عنواناً هو: "المصطلح النحوي وعلاقته بتفكير النحاة من خلال الأمهات وكتب الشروح" وتمّ في هذا العنوان إبراز المصطلح باعتباره مدار البحث ومقصده وخصصه الباحث بالفن الذي انبثق فيه واكتسب هويته، وهذا ما جعله يحدد المصطلح اللغوي، مبدئياً، بأنه جملة العبارات التي استعملها النحاة في خطاباتهم النحوية المتنوعة لتعيين تصور أو لوصف مبدأ نحوي أو لتعليل فكرة أو لإصدار أحكام أو غير ذلك من الإجراءات التي تتطلبها النظرية النحوية. وبذلك يتسع المصطلح ليشمل أقسام الكلام وأصناف الجمل والعلاقات التركيبية والوظيفية والإعرابية والتسميات التي استخدمها النحاة في الجهاز التفسيري والوصفي.
وقيمة المصطلح، كما يوحي بذلك العنوان، تكمن في ارتباطه "بتفكير النحاة" أي باعتباره معبراً إلى دراسة فكر منتجية. إذا كان التفكير المنسوب إلى موضوعه (النحو) يلزم ارتباط الباحث بذلك الموضوع والتقيد به، فإن التفكير المنسوب إلى واضعه (النحوي) هو أوسع دائرة وأشمل رؤية لقضايا الموضوع وغيره.
فالنحوي، مثلاً، وهو يفكر في النحو تتوارد عليه مسائل أخرى تبدو هامشية أو بعيدة عن دائرة الموضوع بما هو قوانين ونظريات مرتبطة باللغة العربية. وأهم المسائل المرتبطة بتفكير النحوي في اللغة، الهاجس الاصطلاحي، وهذا الهاجس وإن كان شديداً لدى النحاة الأول ممن وضعوا المصطلحات ملحاً عليهم؛ فإنه ليس مقصوراً عليهم بل هو مستمر لدى النحاة اللاحقين، وما يدل عليه أنهم شذبوا المصطلحات وهذبوها وعدلوا من متصوراتها وكل ذلك محاولة منهم للوصول بالمتصورات وألفاظها إلى درجات مثلى من الاكتمال. ولخوض الباحث في دراسته هذه في مثل هذه القضايا، فهو قد اعتمد المصطلح نفسه وترك له قيادته ليستقرئ الطرق بالصنعة الاصطلاحية في المداخل والمتصورات وعندئذ يكون المصطلح أداة في البحث وموضوع في آن. إقرأ المزيد